تشهد الولايات المتحدة في ظل إدارة الرئيس دونالد ترامب تحولاً جذرياً في سياساتها المناخية، إذ أطلقت الحملة الرئاسية للرئيس مؤخراً سلسلة إجراءات تهدد بتقويض التقدم العالمي المحرز في مكافحة تغير المناخ، حسب ما أورده تقرير حديث لصحيفة “نيويورك تايمز“.
وقد أكدت مصادر رسمية في البيت الأبيض، في تصريحات مباشرة، أن الإدارة الأمريكية تعتبر السياسات المناخية العالمية عائقاً اقتصادياً وأمنياً، وأعلنت نيتها عدم التضحية بمصالح الولايات المتحدة الاقتصادية لملاحقة ما وصفته بـ”الأهداف المناخية الغامضة.
الانسحاب الرسمي من اتفاق باريس
في 20 يناير 2025، وقع الرئيس ترامب أمراً تنفيذياً للانسحاب الثالث للولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ، وهو الاتفاق الدولي الذي تم اعتماده عام 2015 لمواجهة ظاهرة الاحتباس الحراري.
وجاء هذا القرار بعد إعلان البيت الأبيض “حالة طوارئ وطنية للطاقة” بهدف إلغاء الضوابط المناخية الفدرالية وتعزيز إنتاج النفط والغاز الأمريكي.
وقد تم توجيه السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة لتقديم الإخطار الرسمي بالانسحاب إلى الأمين العام للأمم المتحدة، على أن يصبح القرار سارياً بعد عام من التقديم حسب نص الاتفاق الدولية.
تراجع عن التشريعات والتمويل المناخي
أضاف ترامب في تصريح مباشر أن الولايات المتحدة “لن تقوض صناعاتها لصالح اتفاق مناخي أحادي الجانب”.
وقد تعهدت الإدارة بإلغاء جميع الالتزامات المالية السابقة الموجهة لدعم الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ، بما في ذلك إيقاف خطة تمويل المناخ الدولية التي أقرها الرئيس السابق بايدن لدعم مشاريع التخفيف والتكيف في الدول النامية.
وشدد ترامب على ضرورة تعزيز إنتاج الطاقة الأحفورية الأمريكية باعتبارها ركيزة الاقتصاد الوطني، رافضاً ما أسماه “الصفقة الخضراء الجديدة” وسحب الاستثمارات من مشاريع الطاقة المتجددة.
ضغوط دولية لصالح الوقود الأحفوري
لم يقتصر التأثير على الداخل الأمريكي، بل أوضح تقرير “نيويورك تايمز” أن إدارة ترامب تمارس ضغوطاً تجارية ودبلوماسية على عدد من الدول الصناعية والنامية للعدول عن التزاماتها بخفض الانبعاثات، ودفعها لزيادة اعتمادها على الفحم والنفط والغاز الطبيعي من الولايات المتحدة.
وكشفت وثائق رسمية أن الإدارة ربطت جزءاً من الاتفاقيات التجارية بشروط تتعلق بشراء الوقود الأحفوري الأمريكي، وقيدت الدعم لمنظمات النقل البحري والجهات الداعمة لاتفاقيات المناخ.
مراجعة القوانين البيئية الفدرالية
وتشمل التغييرات كذلك خطة لإلغاء القواعد التنظيمية التي تحد من انبعاثات الغازات من المصانع ومحطات الطاقة والمركبات، وكذلك تقييد صلاحيات وكالة حماية البيئة.
وقد تم ترشيح لي زيلدين، المعروف بمعارضته الصريحة للتشريعات البيئية والاستثمار في الطاقات المتجددة، لرئاسة الوكالة.
وأكد ترامب أن الهدف هو “تحفيز الاقتصاد الأمريكي عبر إجراءات عملية بعيدة عن الأفكار الأيديولوجية
موقف دولي وانتقادات واسعة
وأثار نهج إدارة ترامب انتقادات حادة من قبل زعماء أوروبا ومنظمات الأمم المتحدة والهيئات العلمية المتخصصة، إذ اعتبروا أن إلغاء التزامات الولايات المتحدة يؤدي إلى إضعاف الجهود العالمية للحد من معدل ارتفاع درجات الحرارة، ويزيد من وتيرة التغيرات المناخية القاسية حول العالم.
وأكدت تقارير علمية منشورة في 2025 أن العام الماضي شهد تجاوز المعدل السنوي لارتفاع حرارة الأرض حاجز 1.5 درجة مئوية، نتيجة لتراجع سياسات الحد من الانبعاثات لدى بعض الدول الكبرى، وفي مقدمتها الولايات المتحدة.