في أقصى شمال روسيا، داخل الدائرة القطبية الشمالية، يقع بئر كولا العميق، أعمق حفرة حفرها الإنسان داخل القشرة الأرضية، وهو مشروع علمي سوفيتي بدأ عام 1970 بهدف الوصول إلى أعماق غير مسبوقة ودراسة التركيب الحقيقي للأرض. وبحلول أوائل التسعينيات، بلغ عمق الحفر 12,262 متراً، مسجلاً رقماً قياسياً عالمياً رغم أن قطر الحفرة لم يتجاوز حجم طبق عشاء.
واجه العلماء خلال الحفر تحديات غير متوقعة، أبرزها الارتفاع الشديد في درجات الحرارة التي وصلت إلى نحو 180 درجة مئوية، ما أدى إلى تعطل المعدات وجعل الاستمرار في العمل خطراً. ومع تصاعد التكاليف وانهيار الاتحاد السوفيتي، توقف المشروع عام 1992 قبل أن يُغلق نهائياً في 1995.
ورغم ذلك، أسهم بئر كولا في اكتشافات علمية مهمة، منها العثور على صخور يعود عمرها إلى 2.7 مليار سنة، واكتشاف مياه محبوسة داخل الصخور في أعماق لم تكن متوقعة، إضافة إلى تصحيح مفاهيم خاطئة حول تركيب القشرة الأرضية، والعثور على آثار مواد عضوية دقيقة. ولا تزال نتائج هذا المشروع تُدرّس حتى اليوم بوصفه تجربة علمية فريدة كشفت حدود التكنولوجيا البشرية أمام قسوة باطن الأرض.




