في دعوة خاصة لمنصة “لنا” إلى المتحف الخاص لسعاد الدكتور عبيد الكتبي في العاصمة أبوظبي، تعرفنا على مجموعة مقتنيات خاصة للدكتور تعود لبداية تأسيس دولة الإمارات، وذلك في جولة تفصيلية للقطع داخل المتحف تحت اسم “1185” .
يؤكد الدكتور عبيد الكتبي أن اختيار اسم “1185” لمتحفه الشخصي أن هذا الرقم هو أول رقم عسكري حصل عليه عند تخرجه في كلية زايد العسكرية عام 1977، ويحمل بالنسبة له رمزية عميقة تجسد اعتزازه بالانتماء إلى القوات المسلحة.
ويقول الكتبي إن فكرة إنشاء المتحف انطلقت من قناعة راسخة بأن لكل فرد دوراً في خدمة وطنه، وبأن تجربته الممتدة عبر العقود يمكن أن تتحول إلى مصدر إلهام للأجيال القادمة، إذ أراد أن يروي المتحف قصة الإمارات من خلال قصة رجل واحد.
ويشير إلى أن مقتنيات المتحف تعكس رؤية الإمارات القائمة على الاستثمار في الإنسان، وهي الركيزة التي وضع أسسها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، وما زال قادة الدولة يواصلون تعزيزها حتى اليوم. فهذه المقتنيات، كما يصفها الكتبي، ليست مجرد ذكريات، بل شهادات حيّة على نجاح هذا النهج.
مسيرة طويلة من العمل العسكري والدبلوماسي
يختلف “متحف 1185” عن غيره من المتاحف الشخصية، إذ يتضمن قطعاً جمعها الكتبي طوال مسيرته المهنية في القطاعات العسكرية والشرطية والدبلوماسية. ويعتبرها “إنجازات” تمتد على مدى 32 عاماً في القوات المسلحة، تلتها سنوات في المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، ثم نائباً للقائد العام لشرطة أبوظبي لمدة ست سنوات، قبل أن ينتقل إلى وزارة الخارجية ويُعيّن سفيراً للإمارات في أستراليا لثلاث سنوات، ويعود بعدها إلى الوزارة لمدة عام ونصف.
سرد بصري لمسيرة وطن
يضم المتحف أكثر من 15 ألف قطعة موزعة ضمن سرد زمني دقيق، أنشأ لها جناحاً مستقلاً داخل منزله في أبوظبي. حيث بدأت الجولة من ركن الوثائق الشخصية: بطاقة المدرسة لعام 1971، أول جواز سفر، أول رخصة قيادة، إضافة إلى بطاقات هوية وعمل وبطاقات بنكية وطيران ووثائق أكاديمية من جامعات حول العالم.
كما يحتوي المتحف على مجموعات واسعة من الأقلام والساعات والهواتف المحمولة، تجمع بين مقتنيات شخصية وأخرى لأفراد أسرته، بما فيها هواتف ميدانية نادرة: أحدها يعود لعام 1920، وآخر استُخدم في الحرب العالمية الثانية، إضافة إلى أول هاتف متنقل في الإمارات وأجهزة من الجيل الثاني. وتجاورها مجموعة كبيرة من الميداليات التي حصل عليها من دول ومؤسسات مختلفة.
نوادر تاريخية ورمزية وطنية
يضم المتحف ميدالية كبيرة تحمل اسم وصورة المغفور له الشيخ زايد، أُصدرت بمناسبة وصول مسبار الأمل إلى المريخ في 9 فبراير 2021، لتوثّق إنجازاً تاريخياً في مسيرة الإمارات نحو الفضاء.
كما يحتوي على مجموعة من السيوف والخناجر النادرة، منها سيف الحرس الأميري وسيف ساموراي، إضافة إلى سيف فيلم Lord of the Rings، وهو قطعة نادرة عالمياً إذ صُنع منه 15 نسخة فقط، تمتلكها ملكيات وشخصيات دولية بارزة بينها الملكة إليزابيث والرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما. وتُبرز المجموعة أيضاً رقعة شطرنج مصنوعة يدوياً تتميز بنقوش دقيقة.
منجزات عسكرية وشرطية
يُوثِّق المتحف المسيرة العسكرية والشرطية للدكتور الكتبي من خلال شهادات التقدير والأوسمة والأزياء الرسمية، بما فيها شهادة تخرجه من كلية زايد العسكرية، التي تسلّمها من الشيخ زايد، ويعتبرها أبرز قطعة في المتحف.
كما يضم المتحف عصا القائد التي حصل عليها خلال خدمته في شرطة أبوظبي، إلى جانب دروع وشارات ورتب تعكس مسيرته الطويلة في قطاعي الأمن والدفاع.
يشغل المجال الرياضي مساحة لافتة في المتحف، وعلى رأسها ميدالية الفرسان أكبر ميدالية في العالم والمسجّلة في موسوعة غينيس باسم الإمارات. ويقول الكتبي إنه أسّس فريق الفرسان عام 2008 لنشر ثقافة الرياضة والحركة، وشارك الفريق في سباق الترامارثون عام 2014، حيث حصد الميدالية التي بقيت حتى اليوم أكبر ميدالية في العالم.
المتحف أكثر من مجرد مجموعة شخصية، إنه مساحة توثق رحلة إنسان واحد، لكنها في الوقت نفسه ترسم ملامح قصة الإمارات، وتعرض ثمار الاستثمار في أبنائها على مدى نصف قرن. وقد استطاع الدكتور عبيد الكتبي تحويل منزله إلى مساحة تعكس محطات وطن وشخصية، وتمنح الزائر تجربة فريدة تجمع بين الذاكرة والرواية الوطنية.




