خبراء لـ”لنا” يحذرون من “تضخم الصداقة”: تكاليف العلاقات الاجتماعية قد ترهق الميزانيات

يشير “تضخم الأصدقاء” إلى زيادة الإنفاق الاجتماعي بسبب ضغط الأقران والمعايير الاجتماعية.

فريق التحرير
فريق التحرير
خبراء لـ"لنا" يحذرون من "تضخم الصداقة": تكاليف العلاقات الاجتماعية قد ترهق الميزانيات

ملخص المقال

إنتاج AI

يناقش المقال ظاهرة "تضخم الأصدقاء"، وهي زيادة الإنفاق الاجتماعي بسبب ضغط الأقران، مما يؤدي إلى تحول الأنشطة الترفيهية إلى التزامات مالية. يوضح الخبراء كيف يؤثر هذا التضخم على الميزانيات ويدعون إلى التخطيط المالي الواعي ووضع حدود واضحة مع الأصدقاء لتجنب الإفراط في الإنفاق.

النقاط الأساسية

  • يشير "تضخم الأصدقاء" إلى زيادة الإنفاق الاجتماعي بسبب ضغط الأقران والمعايير الاجتماعية.
  • يؤثر هذا التضخم بشكل خاص على المهنيين الشباب والمغتربين، مما يؤدي إلى تغيير الأولويات المالية.
  • الحل يكمن في التخطيط المالي الواعي، ووضع حدود واضحة مع الأصدقاء، والتثقيف المالي.

إذا كنت تشعر بأن محفظتك أصبحت أخف وزناً بعد كل وجبة فطور متأخرة، أو لقاء عطلة نهاية الأسبوع، أو حتى بعد هدية جماعية بسيطة، فقد تكون وقعت ضحية لظاهرة يسميها خبراء المال “تضخم الأصدقاء”.

هذا المفهوم الذي بدأ يلقى اهتماماً متزايداً في الأوساط المالية يشير إلى الزيادة المستمرة في الإنفاق الاجتماعي الناتجة عن ضغط الأصدقاء والمعايير الاجتماعية، بحيث تتحول الأنشطة الترفيهية إلى التزامات ثابتة تتسلل بهدوء إلى ميزانيتك الشهرية.

يقول مايك كودي، المستشار المالي المقيم في دبي، في حديثه لمنصة “لنا”:

“تضخم الصداقة هو تضخم في إنفاقك الاجتماعي، يحدث عندما ترفع توقعات المحيطين بك تكاليف معيشتك دون أن تشعر. ما يبدأ كرفاهية عرضية يتحول مع الوقت إلى عادة أساسية في حياتك اليومية.”

ويضيف كودي:

“خلال العقد الماضي، أصبح هذا التضخم أكثر وضوحًا بفعل التقاء ثلاثة عوامل: ارتفاع تكاليف المعيشة، وسهولة الدفع عبر التطبيقات، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت من المعايير الباهظة أمرًا يبدو طبيعيًا ومتاحًا للجميع.”

ويشير إلى أن الفئة الأكثر تأثراً بهذه الظاهرة هي المهنيون والمغتربون بين سن العشرين والأربعين، حيث تتقاطع لديهم الرغبة في التواصل الاجتماعي مع الدخل الجيد والضغط للحفاظ على صورة معينة أمام الأقران.

متعة الحياة… تتحول إلى التزام باهظ

Advertisement

على عكس التضخم التقليدي الذي يرفع أسعار السلع الأساسية مثل الغذاء أو الإيجار، فإن “تضخم الأصدقاء” يستهدف الجانب الترفيهي من الحياة – الجانب الذي يُفترض أنه ممتع.

فمن وجبات المطاعم الفاخرة إلى الرحلات القصيرة في عطلات نهاية الأسبوع، ومن الحفلات الموسيقية إلى المناسبات الاجتماعية الكبيرة، أصبحت هذه الأنشطة تبدو “ضرورية” في نمط الحياة الحديث، لا مجرد رفاهية.

ويحذر كودي من أن المشكلة لا تكمن في ارتفاع الأسعار فقط، بل في تزايد وتيرة هذه الأنشطة وتوقع المشاركة فيها باستمرار، مما يعمّق التأثير المالي والنفسي مع الوقت.

ضغط اجتماعي خفي… ونتائج مالية حقيقية

تُوافقه الرأي كارول جلين، المحاسبة القانونية المعتمدة ومؤسسة شركة Conscious Finance Coaching، التي ترى أن “تضخم الأصدقاء” يؤدي إلى تحول أولويات الإنفاق من الأهداف طويلة الأمد إلى إرضاء قصير المدى مدفوع بالرغبة في القبول الاجتماعي.

“حين تدور في دوائر اجتماعية تركّز على المظاهر — المطاعم الباهظة، السفر المستمر، مواكبة أحدث الصيحات — تجد نفسك مضطراً لمجاراة تلك الوتيرة حتى لو كان ذلك على حساب الادخار أو عبر الاستدانة”، تقول جلين.

وتضيف أن هذا النوع من التضخم لا يقتصر على الأفراد فقط، بل يمتد إلى العائلات التي تتأثر بتكاليف الأنشطة المدرسية وحفلات الأطفال والمناسبات الاجتماعية التي تُعتبر “متوقعة” ضمنياً.

Advertisement

كيف تكتشف أنك وقعت في الفخ؟

بحسب كودي، هناك علامات مبكرة تشير إلى أنك تعاني من “تضخم الصداقة”، منها:

  • ملاحظة أن مدخراتك لم تنمُ منذ أشهر دون سبب واضح.
  • تجاوز ميزانية الترفيه بشكل متكرر.
  • تغطية النفقات الاجتماعية عبر إهمال احتياجات أساسية.
  • الشعور بالذنب عند فتح تطبيق البنك بعد عطلة نهاية الأسبوع.
  • تكرار رفض الدعوات لتجنب الإنفاق الزائد.

ويؤكد أن معظم الناس لا يلاحظون المشكلة إلا بعد فوات الأوان، عندما يتحول الإنفاق الترفيهي إلى عبء مزمن وسبب للقلق المالي.

كيف تتغلب على “تضخم الأصدقاء” دون خسارة أصدقائك؟

يقول كودي إن الحل ليس الانعزال عن المجتمع، بل التخطيط المسبق والوضوح.

Advertisement

“ضع ميزانية اجتماعية محددة وكن صريحاً بشأنها مع أصدقائك. قل ببساطة: ’هذه ميزانيتي الاجتماعية هذا الشهر، فلنختَر شيئاً يناسبها.‘”

ويقترح أفكاراً بديلة مثل: القهوة بدلاً من العشاء، الأنشطة النهارية بدلاً من السهرات، وتقاسم تكاليف التذاكر.
هذه الخطوات الصغيرة تُسمى “حدوداً أنيقة”، لأنها تحافظ على التوازن بين العلاقات والمالية الشخصية.

من جانبها، تؤكد جلين أن الصدق هو المفتاح:

“لا تُخترع الأعذار ولا تتجاهل أصدقاءك، فقط عبّر بصراحة عن أولوياتك المالية. معظم الناس يقدّرون الصراحة أكثر مما نتوقع.”

وتضيف أن التعبير الإيجابي عن الأهداف يجعل الآخرين يتفهمون الموقف بسهولة:

“أرغب في الانضمام، لكنني أراقب إنفاقي هذا الشهر لأنني أدخر لشراء منزل أو لسداد ديون. هل يمكننا التخطيط لشيء أبسط؟”

وسائل التواصل الاجتماعي… الوقود الخفي للتضخم الاجتماعي

بحسب كودي، تُعيد منصات التواصل الاجتماعي تشكيل مفهوم “الرفاهية اليومية” بشكل مستمر، حيث تُقارن حياة الناس الواقعية بما يُعرض على الإنترنت.

“كل صورة مختارة بعناية على إنستغرام تجعلنا نقارن خلف الكواليس لدينا بلحظات الآخرين المصقولة. ومع الوقت، نبدأ في رفع سقف توقعاتنا دون وعي.”

ويضيف أن المشكلة ليست في الرغبة في المزيد، بل في الخوف من الاستبعاد، وهو شعور يُغذيه القلق من فقدان الانتماء أكثر من السعي وراء المكانة الاجتماعية.

Advertisement

وتشير جلين إلى أن النساء غالباً ما يتأثرن عاطفياً أكثر بهذا الضغط، نظراً لأن العلاقات الاجتماعية تمثل محوراً أساسياً في طريقة تواصلهن، بينما يواجه الرجال ضغطاً أكبر على صعيد المكانة والنجاح المادي، خصوصاً في مجتمعات مثل الإمارات حيث التواصل الاجتماعي جزء من النسيج الثقافي.

التثقيف المالي… السلاح الأهم

ترى جلين أن التثقيف المالي هو العلاج الجذري لتضخم الصداقة، لأنه يمنح الأفراد وعياً يمكنهم من وضع حدود مبنية على المعرفة لا على العواطف.

“عندما تفهم كيف يعمل المال، وتربط هذه المعرفة بقيمك وأهدافك، يصبح قول ’لا‘ أسهل بكثير.”

وتنصح الأزواج بإنشاء “صندوق اجتماعي” مشترك — مبلغ محدد شهرياً للأنشطة الاجتماعية — لتجنب الخلافات وتحويل القرار المالي إلى اتفاق واعٍ بين الطرفين.

كما تدعو أماكن العمل إلى إدراك أن ليس جميع الموظفين يمتلكون نفس القدرة المالية، وأن تنظيم فعاليات شاملة ومراعية للظروف الاقتصادية يبني روابط حقيقية بدلاً من خلق شعور بالاستياء.

أدوات رقمية… وحدود ذكية

Advertisement

يقترح كودي استخدام تطبيقات الميزانية كوسيلة عملية للسيطرة على الإنفاق الاجتماعي.

“إذا خصصت صندوقاً شهرياً للأنشطة الاجتماعية، فأنفقت منه فقط، أو تلقيت تنبيهاً عند تجاوزه، فأنت تفرض حدوداً ذكية قبل أن تشعر بالندم.”

ويرى أن الدمج بين هذه الأدوات والأهداف الشخصية – كالتعليم، والسفر، والاستثمار – يساعد على الحفاظ على منظور مالي متزن.

تأثير حقيقي… ونتائج أعمق مما نتصور

رغم غياب بيانات رسمية دقيقة عن حجم “تضخم الأصدقاء”، إلا أن كلاً من كودي وجلين يؤكدان أن آثاره واضحة: ارتفاع الديون الشخصية، وتراجع معدلات الادخار، وزيادة الشعور بالضغط المالي والاجتماعي.

ويحذر كودي من أن هذه الظاهرة قد تؤدي بمرور الوقت إلى “تآكل الثروة بصمت”، قائلاً:

“النتيجة النهائية هي رأس مال أقل للاستثمار، وديون متجددة أكثر، وتأجيل لأهداف كبرى مثل شراء منزل أو الادخار للتقاعد.”

أما الأثر النفسي، فيصفه بأنه لا يقل خطورة: “إحساس دائم بالذنب، وتوتر مستمر، وإرهاق اجتماعي يصعب التعافي منه.”

Advertisement

الوعي هو البداية

تختتم جلين بالقول:

“العلاج لا يعني أن تنفق أقل، بل أن تنفق بوعي. الصداقات الحقيقية تتكيف عندما تكون مبنية على قيم مشتركة لا على إنفاق مشترك.”

وتضيف أن الصراحة والوضوح المالي لا يضعفان العلاقات، بل يعيدانها إلى جوهرها الإنساني.

“الأصدقاء الحقيقيون يريدون لك النجاح، وسيتفهمون حدودك، بل وربما يشعرون بالارتياح لأنك قلتها أولاً.”

ويوافقها كودي قائلاً:

“في النهاية، من ينجحون في بناء الثروة ليسوا من يتجنبون الحياة الاجتماعية، بل من يعيشونها وفق شروطهم الخاصة.”

ويختم بنصيحة للمغتربين في مدن مثل دبي أو لندن:

“اسأل نفسك: هل تريد أن تكون معروفاً كشخص حافظ على المظاهر، أم كشخص بنى إرثاً وصداقات ذات معنى؟”