تشهد العلاقات بين سوريا وتركيا تطوراً جديداً مع الإعلان عن بدء تعاون مشترك لترميم مواقع تاريخية في دمشق وحلب، بحسب تصريحات رسمية لوكالة الأناضول التركية ومصادر إعلامية سورية. وتأتي هذه الخطوة بعد زيارة وفد تركي رفيع المستوى لمواقع أثرية متضررة في المدينتين، بمشاركة ممثلين عن رئاسة سياسات البيئة والعمران في حزب العدالة والتنمية التركي، حيث جرى الاتفاق مع مسؤولين سوريين على تشكيل فريق فني مشترك لبدء وضع خطط ترميم ودعم تقني للمواقع المتأثرة بفعل سنوات الحرب.
ناقش الوفد التركي، برئاسة النائبة سيفيلاي تونجر، مع محافظ حلب عزام الغريب سبل تفعيل التعاون في هذا المجال، خاصة ما يتعلق بترميم معالم بارزة تعكس الإرث المعماري العثماني مثل جامع العادلية ومدرسة الخسروية، وهما من أهم أعمال المهندس العثماني معمار سنان في سوريا. وتم التأكيد خلال الاجتماعات على أن الوكالة التركية للتعاون والتنسيق (تيكا) ستستمر في دعم وتنفيذ مشاريع الترميم في حلب ودمشق، عبر توفير التدريب والخبرة التقنية للكوادر السورية، وتنفيذ برامج تدريبية في تركيا للخبراء السوريين، لضمان التزام المشاريع بأحدث معايير صون التراث المعمول بها دولياً.
وحول الخطوات العملية، كشف المسؤولون عن تشكيل فريق فني مشترك بين البلدين سيضع خرائط تفصيلية وخطط زمنية لترميم المواقع ذات الأولوية، مع التركيز على إعادة تأهيل الأبنية الدينية والتعليمية والأسواق القديمة التي تعرضت لأضرار ضخمة بسبب النزاع. وتشمل خطة العمل تدريب الخبراء السوريين في المؤسسات التركية ثم عودتهم لتطبيق المعايير التقنية والعلمية الحديثة في مواقعهم ضمن سوريا. كما أكد الطرفان أن هذه المبادرة تسعى لحماية التراث الثقافي المشترك وتوريثه للأجيال القادمة، في حين رحب مراقبون سوريون بالطرح باعتباره خطوة تدعم تعافي المدن وتضمن استعادة معالمها التاريخية.
وقد لقيت المبادرة اهتماماً رسمياً من وزارة الثقافة السورية التي شددت على أهمية توسيع التعاون مع شركاء دوليين، خاصة في مجال حماية وصيانة التراث، مؤكدة أن مثل هذه المشاريع تمثل جزءاً من برامج إعادة الإعمار ودعم التنمية الثقافية في البلاد. ويعكس هذا التعاون رغبة متبادلة في تجاوز آثار النزاع والتركيز على تطوير الخبرات المحلية بدعم تقني خارجي، مع ضمان احترام خصوصية البنية الأثرية لكل موقع.
يشار إلى أن حلب القديمة ودمشق مدرجتان على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو، وتضمان مئات المعالم التاريخية والدينية التي تضررت بفعل النزاعات خلال العقد الماضي، مما يجعل مشاريع الترميم ذات أولوية قصوى للجهات المحلية والدولية المهتمة بالحفاظ على الإرث الحضاري السوري.




