تحولت حياة سوزي الأردنية، واحدة من أشهر صانعات المحتوى في العالم العربي، من الشهرة الرقمية إلى ساحات المحاكم، بعد أن وجهت إليها السلطات المصرية تهمة غسل أموال تصل قيمتها إلى 15 مليون جنيه. القضية التي تتصدر عناوين الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تعكس واقعًا جديدًا تواجهه بعض المؤثرات في عصر المنصات الرقمية، وتفتح جدلاً واسعاً حول مصادر الدخل وسلوكيات صناعة المحتوى.
من الشهرة السريعة إلى دائرة الاتهام
دخلت سوزي الأردنية عالم الشهرة سريعًا عبر منصات تيك توك وإنستجرام، واشتهرت بفيديوهاتها المليئة بالعفوية والإثارة والجدل، حيث تجاوز عدد متابعيها الستة ملايين شخص. مع تصاعد شهرتها، بدأت تظهر تغيرات لافتة في نمط حياتها: ملابس فاخرة، رحلات متكررة إلى دبي وتركيا وباريس، وصور مع سيارات حديثة، ما دفع متابعيها والمتابعين لمواقع التواصل للتساؤل عن مصدر هذه الثروة.
لم يطل الأمر حتى فتحت الجهات الأمنية والرقابية في مصر تحقيقات موسعة، أفضت إلى اكتشاف وجود شبهات حول أرباحها المالية، ليصدر قرار بضبطها وإحالتها للتحقيق بتهمة غسل أموال ضخمة حصلت عليها من نشاطاتها الرقمية.
تفاصيل التحقيقات: كيف دارت عملية غسل الأموال؟
كشفت تحقيقات قطاع مكافحة جرائم الأموال العامة والجريمة المنظمة أن سوزي الأردنية حققت أرباحا تقدر بحوالي 15 مليون جنيه، من خلال إدارة وخلق محتوى اعتبره القانون مخالفًا لقيم وأخلاقيات المجتمع، بهدف جذب أكبر قدر من المشاهدات والـ”جولات” وكسب المال بطرق وصفها القانون بغير المشروعة.
وحسب أوراق القضية، سعت سوزي لإخفاء مصادر هذه الأموال عبر ضخها في شراء وحدات سكنية، بهدف تمويه الأصل غير المشروع وجعلها تبدو وكأنها ناتجة عن نشاط قانوني. كما شملت التحقيقات فحص الحسابات البنكية محليًا وخارجيًا، مراجعة الأملاك المجمدة بأسمائها، تتبع تدفق الأموال بين الحسابات، وتحليل كل المعاملات المالية المرتبطة بها أو بعائلتها.
الدفاع القانوني.. وتحركات الأسرة
صرح مروان الجندي، محامي سوزي الأردنية، أن موكلته أنكرت علمها بعدم قانونية الأرباح، وأنها لم تكن تقصد بأي حال الإضرار بالمجتمع أو مخالفة القوانين. وأكد أن الدفاع سيقدم مستندات إثبات براءة أو حسن النية في الجلسات القادمة، وسيسعى خلال الجلسة المقررة في 19 أغسطس الجاري للتقدم بطلب إخلاء سبيلها مقابل كفالة مالية لحين الفصل في القضية.
وأضاف أن سوزي مازالت في الـ19 من عمرها، وأنها ضحية الطفرة الرقمية، حيث لم تدرك خطورة الألفاظ أو السلوكيات التي قد يعتبرها القانون جريمة رقمية أو غسلاً لأموال “مشبوهة.” وأشار أيضًا إلى التأثير الكبير لهذه القضايا في ضبط سلوك المنصات ومتابعة صانعي المحتوى.
العقوبات المنتظرة وإجراءات القضاء
بحسب قانون مكافحة غسل الأموال المصري (ر.ق. 80 لسنة 2002 وتعديلاته بقانون 17 لسنة 2020) ، تنص العقوبات على السجن مدة لا تقل عن سبع سنوات وغرامات لا تقل عن 100 ألف جنيه، وتصل إلى مصادرة الأموال ومضاعفة الغرامة المالية إذا ثبت وجود جريمة غسل أموال. كذلك يمنح القانون للقضاء سلطة منع المتهمة من مزاولة أي نشاط تجاري رقمي أو إغلاق أو مصادرة أي أصول مالية ذات صلة إذا كانت ضمن عمليات الغسيل أو فضّلت التستر على مصادر التمويل.
في ضوء ذلك، ما زال القضاء المصري يدرس كافة الأدلة والشهادات، وتنتظر الأوساط الإعلامية والمجتمعية الفصل في القضية التي أضحت نموذجًا رمزيًا لصدام “اقتصاد المؤثرين” مع التشريعات الجديدة الهادفة لحماية المجتمع والاقتصاد الوطني من جرائم المال الرقمي.
صناعة المحتوى بين الحرية والمحاسبة
أعادت قضية سوزي الأردنية الجدل حول أخلاقيات العمل الرقمي، فبينما يرى البعض أن هذه القضايا تردع صانعي المحتوى غير المنضبطين، يعتقد آخرون بضرورة توعية الشباب بمنظومة القيم القانونية والاجتماعية لمسارات المشاهير على الإنترنت. تظل النهاية مفتوحة: هل يدافع القضاء عن المتهمة أمام أسرة وجمهور، أم يلجأ لضربات قاسية لحماية المجتمع من موجة غسل الأموال الرقمية؟ الأيام القادمة ستكشف مفاجآت جديدة في واحدة من أكثر قضايا مشاهير السوشيال ميديا إثارة في المنطقة.