في خطوة مفاجئة أذهلت جمهوره حول العالم، أعلن النجم الإسباني سيرجيو راموس، قائد ريال مدريد السابق، عن إطلاق أول أغنية منفردة له بعنوان “سيبيليس” (Cibeles) في 31 أغسطس 2025. تعتبر الأغنية تحية عاطفية خاصة لمسيرته التاريخية مع النادي الملكي الذي قضى معه 16 عاماً حافلة بالإنجازات والذكريات.
جاء اختيار اسم الأغنية “سيبيليس” كإشارة مباشرة إلى ساحة سيبيليس الشهيرة في مدريد، التي شهدت عشرات الاحتفالات التاريخية لريال مدريد بألقابه وبطولاته، وحيث وقف راموس مراراً وتكراراً رافعاً الكؤوس أمام الجماهير المتحمسة. هذه الساحة تحمل أهمية رمزية خاصة في قلب كل مشجع مدريدي، وقد كانت مسرحاً لأهم لحظات الفرح في تاريخ النادي.
رسالة عاطفية محملة بالذكريات والمشاعر المختلطة
الأغنية تجمع بين أنماط موسيقية متنوعة تشمل البالادا الإسبانية ولمسات الفلامنكو مع الطابع الحضري العصري. في الفيديو الترويجي، يظهر راموس بملابس عادية جالساً مع مسبحة في يديه، تتخللها مشاهد بالأبيض والأسود من أبرز لحظاته مع ريال مدريد منذ ظهوره الأول عام 2005، مروراً بالأهداف التي احتفل بها مع مارسيلو وإيسكو، وصولاً إلى مشهد تمثال سيبيليس وهو “يذرف دمعة”.
تحمل كلمات الأغنية، التي كتبها راموس بنفسه، مشاعر الحنين والعتب في آن واحد، حيث يقول في أحد المقاطع: “لم أرد الرحيل قط، لكنكِ طلبتِ أن أطير”، وفي مقطع آخر: “الحمد لله أنني رحلت، لأنكِ لم تعامليني بنفس الطريقة. أحببتكِ وأحببتني، لكن شخصاً ما يعطي دائماً أكثر”. هذه العبارات تُفسر على نطاق واسع كرسالة مباشرة إلى إدارة النادي وتحديداً للرئيس فلورنتينو بيريز.
تفاصيل الفراق المؤلم مع ريال مدريد
تشير الأغنية إلى الجراح التي لا تزال مفتوحة من طريقة مغادرة راموس للنادي في يونيو 2021. المدافع الذي طلب في البداية عقداً لمدة عامين، اضطر للقبول بتجديد العقد لمدة عام واحد مع تخفيض الراتب، لكن المفاجأة كانت في أن العرض انتهت صلاحيته دون علمه، مما أدى إلى فراق مؤلم بعد 16 عاماً من العطاء.
تتضمن الأغنية إشارات مستمرة لأهم لحظات راموس مع النادي، من الدقيقة 93 في نهائي لشبونة حيث سجل واحداً من أهم الأهداف في تاريخ النادي الحديث، إلى الشعور المر بأن رحيله لم يكن قراره الشخصي. رغم ذلك، يترك راموس الباب مفتوحاً لعودة محتملة قائلاً: “ورغم أن كل شيء حدث بهذه الطريقة، سأكون سعيداً بالعودة. مرة وألف مرة، أنتِ تعرفين ذلك يا سيبيليس”.
ليست التجربة الغنائية الأولى
هذه ليست المرة الأولى التي يدخل فيها راموس عالم الموسيقى، حيث شارك سابقاً في عدة تعاونات فنية. في عام 2016، شارك في أغنية “لا روخا بايلا” مع المطربة نينا باستوري، والتي كانت النشيد الرسمي للمنتخب الإسباني في بطولة يورو. وفي عام 2018، ظهر في دويتو بعنوان “نجمة أخرى في قلبك” مع ديماركو فلامينكو لدعم المنتخب في كأس العالم.
كما خاض تجربة ثالثة في عام 2023 بأغنية “لا تجادلني” بالتعاون مع فرقة لوس ياكيس ذات الطابع الحضري. إضافة إلى ذلك، شارك مؤخراً في ألبوم المغني المكسيكي كارين ليون. هذه التجارب أكدت أن راموس لا يتعامل مع الغناء كمجرد “نزوة لاعب”، بل كشغف حقيقي بالفن والموسيقى.
ردود فعل متباينة من الجمهور
أثار إطلاق “سيبيليس” ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث حقق الفيديو أكثر من 19 مليون مشاهدة على إنستغرام خلال 24 ساعة فقط. انقسم الجمهور بين معجب بهذه الخطوة الجريئة ومشكك في قدرات راموس الغنائية، مع مقارنات بأغاني شاكيرا عن جيرارد بيكيه.
البعض رأى في الأغنية وثيقة عاطفية مؤثرة تعبر عن حب راموس الصادق لريال مدريد، بينما اعتبرها آخرون محاولة للتصالح مع الماضي أو حتى رسالة انتقامية مبطنة. ما لا جدال فيه أن الأغنية نجحت في إثارة اهتمام واسع وإعادة فتح ملف علاقة راموس بالنادي الملكي.
حياة جديدة في المكسيك ومستقبل موسيقي
يواصل راموس حالياً مسيرته الكروية مع نادي مونتيري المكسيكي بعمر 39 عاماً، وقد أعلن عن الأغنية بعد ساعات من فوز فريقه المهم على بويبلا في الدوري المكسيكي. هذا التوقيت يعكس حالة الاستقرار والسعادة التي يعيشها راموس في مرحلته الجديدة، مما منحه المساحة العاطفية للتعبير عن مشاعره تجاه ماضيه.
تشير التفاعلات الأخيرة بين راموس والمغني الكوبي راندي مالكوم إلى إمكانية وجود مشاريع موسيقية مشتركة في المستقبل. كلاهما ألمح إلى أن “شيئاً ما قادم”، مما يثير التكهنات حول توسع راموس في المجال الموسيقي كمسار جديد بعد كرة القدم.
إرث كروي استثنائي
خلال مسيرته مع ريال مدريد، حقق راموس 22 لقباً شملت 5 ألقاب في الدوري الإسباني و4 بطولات في دوري أبطال أوروبا، مما يجعله واحداً من أنجح اللاعبين في تاريخ النادي. لعب دوراً محورياً في الحقبة الذهبية للفريق، خاصة في الفترة التي فاز فيها بدوري الأبطال أربع مرات في خمس سنوات.
هدفه في الدقيقة 93 من نهائي 2014 أمام أتلتيكو مدريد يُعتبر من أهم الأهداف في تاريخ النادي الحديث، وهو ما تشير إليه الأغنية كرمز لعطائه اللامتناهي. راموس أصبح أيضاً أول قائد يقود فريقه للفوز بدوري الأبطال لعامين متتاليين في العصر الحديث.
“سيبيليس” تمثل أكثر من مجرد أغنية؛ إنها بمثابة رسالة وداع متأخرة وتحية احترام لمسيرة استثنائية، وربما محاولة أخيرة لكتابة نهاية أكثر جمالاً لقصة حب دامت 16 عاماً بين لاعب ونادي صنعا معاً تاريخاً لا يُنسى.