طائرة أسرع من الصوت: في خطوة تُمهّد لثورة في النقل الجوي، أعلنت وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا» أنّ طائرتها التجريبية الأسرع من الصوت X-59 اجتازت سلسلة اختبارات ميدانية حاسمة، لتصبح على بُعد أشهر قليلة من أول تحليق. يهدف البرنامج، المعروف باسم «كويست» (Quesst)، إلى خفض زمن الرحلات بين المدن البعيدة إلى النصف، مع الحدّ من الضوضاء الناتجة عن اختراق حاجز الصوت.. يهدف البرنامج، المعروف باسم «كويست» (Quesst)، إلى خفض زمن الرحلات بين المدن البعيدة إلى النصف، مع الحدّ من الضوضاء الناتجة عن اختراق حاجز الصوت.
بداية العدّ التنازلي لرحلة التاريخ
أوضح بيان «ناسا» أنّ فريقاً مشتركاً من مهندسي الوكالة وشركة «لوكهيد مارتن» أجرى في 10يوليو2025 أول اختبار تاكسي منخفض السرعة في قاعدة «بالمديل» بولاية كاليفورنيا. اختبر الطيار نيلز لارسن استجابة نظام التوجيه والفرامل، فيما راقب المهندسون الأداء عبر حواسيب القياس عن بُعد. نجح الاختبار في تأكيد سلامة الأنظمة، وسيُستكمل بسلسلة تاكسي عالية السرعة تسبق الإقلاع الأول خلال 2025.
تصميم يشتّت موجات الصدمة
تستند فلسفة X-59 إلى «توزيع» موجات الصدمة بدل تكديسها، ما يخفض صوت الانفجار التقليدي إلى «خفقة» لا تتجاوز75ديسيبل، مقارنةً بانفجار «كونكورد» البالغ105ديسيبل. يعتمد ذلك على مقدمة بالغة الطول تُشكّل ثلث الهيكل تقريباً، وأجنحة دلتا رفيعة، إلى جانب وضع قمرة القيادة في منتصف الجسم دون نافذة أمامية؛ إذ يستعيض الطيار عنها بنظام رؤية خارجي عالي الدقة.
طائرة أسرع من الصوت: أداء يخترق الزمن
تحمل الطائرة محركاً وحيداً من طراز F414-GE-100 مُعدَّلاً، قادراً على دفعها بسرعة925ميل/ساعة (ماك1.42) على ارتفاع55,000قدم. أجرى الفريق أول اختبار للحارق اللاحق بكامل قدرته في ديسمبر 2024، مؤكداً جاهزية النظام لدفع الطائرة إلى السرعة المطلوبة مع بقاء درجات الحرارة ضمن الحدود الآمنة.
هدف البرنامج: بيانات لا تشريعات نظرية
تركّز مهمة «كويست» على جمع بيانات ميدانية من المجتمعات التي ستحلّق فوقها الطائرة، لقياس درجة الانزعاج الحقيقي من «الانفجار الهادئ». ستشارك «ناسا» النتائج مع سلطات الطيران الأمريكية والدولية، أملاً في تعديل القوانين التي تحظر تحليق الطائرات التجارية بسرعة فوق صوتية فوق اليابسة منذ1973.
زمن الرحلات يتقلص إلى النصف
تشير تقديرات «ناسا» إلى احتمال خفض زمن رحلة نيويورك–لندن من ست ساعات إلى ثلاث ساعات تقريباً إذا اعتُمدت التقنية في طائرات ركّاب مستقبلية. ورغم أنّ X-59 مركبة تجريبية أحادية المقعد، فإن البيانات التي ستنتج عنها ستفتح الباب أمام جيل جديد من النقل الجوي فائق السرعة منخفض الضوضاء.
جدول زمني مختصر
أبعاد اقتصادية وتنظيمية
يؤكد خبراء «لوكهيد مارتن» أنّ رفع الحظر سيخلق سوقاً عالمية جديدة لطائرات الركّاب الأسرع من الصوت، ويضاعف عوائد شركات التصنيع. لكنهم يشيرون أيضاً إلى أنّ نجاح المشروع يتوقف على قبول الجمهور لمستوى الضوضاء، وعلى كفاءة استهلاك الوقود في الطرازات التجارية القادمة.
تحديات مقبلة
- اعتماد معايير جديدة للضوضاء على المستويين الوطني والدولي، استناداً إلى البيانات الحقلية.
- تطوير هياكل أكبر تلائم مقاعد الركّاب مع الحفاظ على الشكل الطويل النحيف الذي يبدّد موجات الصدمة.
- تحسين تقنيات الرؤية الرقمية للطيارين لضمان سلامة التشغيل دون نوافذ تقليدية.
خلاصة
تُمثّل X-59 خطوة حاسمة نحو إحياء السفر الجوي فوق الصوتي، ولكن بأسلوب متوافق مع المتطلبات البيئية والمجتمعية الحديثة. إذا نجحت «ناسا» في إثبات جدوى «الخَفقة» الهادئة، فإنّ سباق التحديث سيبدأ بين المصنعين لتطوير طائرات تجارية تقلص المسافات وتنعش الاقتصاد العالمي، دون أن تُثقل أذُن الأرض بضوضاء الماضي. كل الأنظار تتجه الآن إلى صحراء كاليفورنيا بانتظار لحظة إقلاع الطائرة التي قد تعيد رسم خريطة الزمن الجوي.