يشهد اقتصاد الدمى في الصين طفرة لافتة وغير مسبوقة تقودها أجيال الشباب، وخاصة جيل Z (المولود بين 1995 و2009) ، حيث لم تعد الدمى مجرد ألعاب طفولية أو سلعة تقليدية، بل تحولت إلى صناعة مزدهرة تدر الملايين وتؤثر في صناعات الموضة والتجارة ومجالات الابتكار التكنولوجي.
جيل جديد يقود الطلب
يلعب جيل الشباب دورًا محوريًا، إذ تشير تقارير إلى أن جيل Z بات يمثل 40% من إجمالي الاستهلاك في الصين، مع توقعات أن تتضاعف مساهمته بحلول 2035 لتصل إلى 16 تريليون يوان. ويرتبط إقبالهم على الدمى بنزعة البحث عن متعة التملك والتعبير عن الذات، فالكثير من الشابات والشباب ينفقون مبالغ ضخمة على شراء ملابس إكسسوارات حصرية لدمى “لابوبو” أو الدمى ذات المفاصل الكروية، حتى أن بعضهم ينفق على ملابس الدمى أكثر مما ينفقه شهريًا على نفسه، ويُمارسون معها طقوسًا اجتماعية مثل التقاط الصور والسفر.
قفزات في المبيعات وأرباح ضخمة
حققت شركة “بوب مارت” الصينية صانعة دمى “لابوبو” قفزة في الإيرادات بنسبة 204% لتصل إلى 1.93 مليار دولار بالنصف الأول من 2025، وقفز صافي أرباحها بنسبة 397% إلى 4.57 مليار يوان. كما تزايدت مبيعات ملابس وإكسسوارات الدمى بنسبة 117% عام 2024، وأصبح الطلب على الإصدارات الجديدة يُحدث منافسة وسباق على الشراء في المتاجر الحية والإلكترونية، حتى باتت أسهم الشركات المنتجة للدمى تقفز بنسبة كبيرة فاقت 200% هذا العام.
تداخل الموضة والابتكار
تميزت الدمى الصينية بقدرتها على مواكبة الموضة واتجاهات الثقافة الشعبية، حيث يبتكر مصممون مستقلون أزياء دقيقة صغيرة الحجم تمتاز بالابتكار، ويستغرق تصميم المجموعة الواحدة أكثر من 4 ساعات. كما أن مصانع عديدة نقلت إنتاجها من صناعة ملابس الكبار إلى ملابس الدمى لمواكبة الطفرة، في حين ارتفع الطلب على الأسواق الخارجية مثل اليابان وكوريا وجنوب شرق آسيا.
ظاهرة ثقافية وانتشار عالمي
أصبحت دمى “لابوبو” رمزًا للتواصل الثقافي المعاصر، وجزءًا من القوة الناعمة الجديدة للصين؛ حيث تباع النسخة العادية بسعر 11 دولارًا فيما تصل النسخ الخاصة إلى 499 يوان، وتحظى برواج كبير بين مشاهير الغرب ووسائل التواصل الاجتماعي، ما عزز انتشارها عالمياً وأدى إلى توسع شركات الدمى الصينية نحو افتتاح عشرات الفروع الجديدة خارج البلاد.
تحولات مستقبلية
ساهم الطلب الهائل من أجيال الشباب، مع استخدام تقنيات التصميم الرقمية وأدوات التسويق الحديثة مثل “الصناديق المفاجئة” (Blind Boxes) ، في تعزيز ولاء المستهلكين واستمرار الطفرة بالسوق، مع توقعات ببلوغ الصناعة 52 مليار دولار بحلول نهاية 2025. ويمثل هذا التحول انعكاسًا للابتكار الثقافي والاجتماعي ويعزز مكانة الصين كلاعب رئيسي في الأسواق العالمية للألعاب والترفيه.