في تصعيد جديد للصراع بين إسرائيل والفصائل اليمنية المسلحة بقيادة جماعة الحوثي، أطلق قائد الفصائل اليمنية رسالة تحدٍ قوية قائلاً لإسرائيل: “ضرباتكم لن تهز شعرة في رأس صغير يمني”، في إشارة رمزية للصمود الشعبي ومناعة المقاومة اليمنية أمام الهجمات الجوية المكثفة التي نفذها الجيش الإسرائيلي مؤخرًا على مواقع عدة باليمن.
خلفية الاشتباكات: من التصعيد إلى العنوان الإقليمي
شهد ربيع وصيف 2025 اشتدادًا ملحوظًا في المواجهة بين الجانبين، فبعد أشهر من الضربات الصاروخية الباليستية والطائرات المسيرة التي أطلقتها الفصائل اليمنية على أهداف إسرائيلية في الجنوب والشمال ومهاجمة السفن التجارية في البحر الأحمر، ردت تل أبيب بسلسلة غارات عسكرية واسعة استهدفت مطار صنعاء الدولي، ميناء الحديدة، ومنشآت عسكرية ومدنية في العاصمة اليمنية وصعدة.
تؤكد التقارير أن إسرائيل استخدمت في حملتها ما لا يقل عن 30 طائرة مقاتلة في موجات متعاقبة استمرت عدة أيام، وألقى سلاح الجو الإسرائيلي عشرات القنابل والصواريخ الموجهة على أهداف وحظائر للطائرات ورادارات ومستودعات أسلحة “حيوية” للفصائل المدعومة من إيران.
خسائر مادية وبشرية ورسائل متبادلة
أدت الغارات إلى تدمير كلي لصالة الركاب بمطار صنعاء، وتوقفت حركة الرحلات منه وإليه، كما دُمرت ست طائرات بينها ثلاث للخطوط الجوية اليمنية. كما لحقت أضرار فادحة بمنشآت مدنية وصناعية، وأعلن الحوثيون عن سقوط ضحايا مدنيين من جراء القصف الإسرائيلي. في الوقت نفسه نفت الفصائل تأثر قدراتها الهجومية وأكدت على استمرارها في إطلاق صواريخها ومسيراتها تجاه إسرائيل.
في اليوم نفسه، رد الحوثيون بهجمات جديدة؛ إذ استهدفت صواريخ بالستية الأراضي الإسرائيلية، وسمعت صفارات الإنذار في تل أبيب ومحيطها، ما اعتبره مراقبون استمرارا لسياسة الردع المتبادل وإثبات الجاهزية الميدانية.
تصريحات قيادة الفصائل: تحدٍ ورسائل سياسية
برز الخطاب التصعيدي بإعلان قائد الفصائل اليمنية أن “كل عمليات إسرائيل لن تؤثر في إرادة أبناء اليمن”، وأن “أي عدوان جديد سيقابل بمزيد من الضربات العنيفة على مصالح إسرائيل في البحر الأحمر وأراضيها”. وأوضح المتحدثون أن دعمهم لحماس وفصائل المقاومة الفلسطينية غير مرتبط بأي ضغط أو تهديد، وأن المعركة مستمرة حتى إنهاء الحرب على غزة.
اعتبرت قيادة الفصائل أن ضربات إسرائيل “محاولة لترهيب الشعب اليمني وفرض وقائع عسكرية وسياسية جديدة” لكن النتائج على الأرض تظهر، حسب وصفهم، “عجز الغارات عن كسر المقاومة الشعبية أو تدمير منظومتها الصاروخية”، ووصف التصعيد الإسرائيلي بأنه يأتي في سياق التنافس الإقليمي واتساع دائرة المواجهة بعد فشل تل أبيب في القضاء على أنشطة الحوثيين العسكرية في البحر الأحمر.
أبعاد إقليمية وخطر التصعيد
التطورات الأخيرة كبّدت الاقتصاد اليمني والإسرائيلي خسائر ملموسة وأثرت على كفاءة الموانئ وحركة الملاحة الإقليمية، خاصة في ظل تهديد الفصائل بفرض حظر بحري على ميناء حيفا وعمليات اعتراض السفن المرتبطة بشركات إسرائيلية أو دول تدعمها. وأثارت الهجمات الأخيرة للنقاش من جديد حول احتمالية اتساع رقعة الصراع ليشمل أطرافًا وحلفاء إقليميين، وسط تحذيرات من انفجار الحرب إلى جبهات أوسع في الشرق الأوسط.
توقعات واستنتاجات
يُجمع المحللون أن العوامل الجغرافية وشبكة التحالفات الدولية تعطي الفصائل اليمنية مساحة أكبر للمناورة والرد، فبحسب صحف دولية يظل اليمن تحديًا استراتيجيًا أمام الاستخبارات الإسرائيلية نظرًا لطبيعة التضاريس وتنظيم الفصائل المعقد. فما بين الضربات الجوية ورسائل القوة التي يطلقها قادة الفصائل، يدخل الصراع الإسرائيلي-اليمني مرحلة جديدة تُعيد رسم خرائط التحالفات والمعارك في المنطقة، وتجعل من كل جولة تصعيد رسالة سياسية وعسكرية على حد سواء.
في المحصلة، تؤكد التحديات الميدانية والخطابات الصادرة من صنعاء أن “كل ضربة إسرائيلية لن تثني صغيرًا عن عزيمته”، وأن المواجهة باتت عنوانًا لصمود شعب في وجه واحدة من أعنف الحملات العسكرية في تاريخ المواجهة اليمنية-الإسرائيلية.