شهدت مدينة قابس الساحلية غربي تونس اليوم الثلاثاء إضرابًا عامًا تزامن مع خروج عشرات الآلاف من المتظاهرين إلى الشوارع للمطالبة بإغلاق مجمع فسفاط حكومي يُتهم بالتسبب في تدهور بيئي وصحي خطير.
وأغلقت المحلات والأسواق والمدارس والمقاهي أبوابها تنفيذًا لدعوة الاتحاد العام التونسي للشغل، ما أدى إلى شلل شبه تام في النشاط الاقتصادي بالمدينة.
المحتجون يطالبون الحكومة بإغلاق المجمع الكيميائي
ورفع المحتجون لافتات كتب عليها «قابس تريد أن تعيش» و«تفكيك وحدات التلويث»، مرددين شعارات تطالب الحكومة بتنفيذ وعود سابقة بإغلاق المجمع الكيميائي وإيقاف انبعاث المخلفات السامة.
وتأتي هذه التظاهرات بعد أسابيع من تسجيل مئات حالات تسمم تنفسي وحالات مرضية خطيرة، وسط مخاوف متزايدة من ارتفاع معدلات السرطان وأمراض الجهاز التنفسي بين السكان.
واتهم المحتجون مصنع الفسفاط التابع للمجمع الكيميائي التونسي (CGT) بإلقاء نحو 14 ألف طن من الفسفوجبسوم السام في مياه المتوسط يوميًا، إلى جانب انبعاثات الأمونيا وأكسيدات النيتروجين والكبريتات التي تلوث الهواء والماء.
المحتجون انتقدوا تجاهل الحكومة لوعود صدرت عام 2017 بإغلاق المجمع تدريجيًا
وانتقد المحتجون تجاهل الحكومة لوعود صدرت عام 2017 بإغلاق المجمع تدريجيًا، فيما قررت السلطات هذا العام زيادة الإنتاج لتعزيز صادرات الأسمدة رغم الأضرار البيئية المتفاقمة.
وعبر عدد من الأهالي عن الألم الذي ينتابهم جراء تلوث المياه والتربة، مؤكدين أن محصول الرمان والخضروات المحلية بات مذاقها يشوبه طعم الأدخنة السامة.
منشآت النقل الصحي استقبلت أكثر من 200 حالة تسمم تنفسي في الأسابيع الماضية
وقالت طبيبة محلية إن منشآت النقل الصحي استقبلت أكثر من 200 حالة تسمم تنفسي في الأسابيع الماضية، بينهم أطفال وشيوخ، بينما ربطت تسعة من كل عشرة مصابين أمراضهم بالتعرض المزمن لانبعاثات المصنع.
ووصفت الناشطة البيئية صفوان كبيبي الوضع في قابس بأنه «قنبلة كيمياوية» موقوتة، مؤكدة أن الأهالي لا يطلبون حلولًا مرحلية بل إغلاقًا نهائيًا ونقل الوحدات بعيدًا عن المناطق السكنية.
وحذّر الاتحاد العام التونسي للشغل من «تصعيد أشكال النضال» في حال استمرار الحكومة في تجاهل مطالب المحتجين، مشيرًا إلى إمكانية تنظيم اعتصامات مفتوحة واعتصامات ليلية بكامل المدينة.
وأعلنت النقابة أن “أهالي قابس مستعدون للدفاع عن مطالبهم المشروعة حتى استعادة حقهم في بيئة آمنة وصحية.
قيس سعيد: وزارات البيئة والصحة ستتخذ «إجراءات عاجلة»
من جهته، اعترف رئيس الجمهورية قيس سعيد بوجود «اغتيال بيئي» في قابس، محمّلًا الحكومات السابقة مسؤولية التراخي في حماية صحة المواطنين وسلامة البيئة.
وأشار سعيد إلى أن وزارات البيئة والصحة ستتخذ «إجراءات عاجلة» للحد من الانبعاثات ومراقبة جودة الهواء والمياه، دون تحديد جدول زمني واضح للتنفيذ.
