لوحة فنية من عصر النهضة تعود إلى إيطاليا بعد 52 عاماً من سرقتها

لوحة فنية من عصر النهضة تعود إلى إيطاليا بعد 52 عاماً من سرقتها إلى متحف إيطالي وسط احتفاء رسمي بالتراث الفني.

فريق التحرير
فريق التحرير
Copyright Art Recovery International

ملخص المقال

إنتاج AI

بعد أكثر من 50 عامًا على سرقتها، عادت لوحة "العذراء والطفل" لأنطونيو سولاريو إلى متحف بيلونو في إيطاليا. أعادتها مواطنة بريطانية بعد مفاوضات قادها خبير استعادة الفن، مما يمثل انتصارًا ثقافيًا.

النقاط الأساسية

  • لوحة 'العذراء والطفل' عادت لمتحف بيلونو بعد سرقتها عام 1973.
  • مواطنة بريطانية أعادت اللوحة بعد مفاوضات بوساطة خبير استرداد الفن.
  • اللوحة ستخضع للترميم قبل عرضها الدائم؛ وتحديات قانونية وأخلاقية واجهت القضية.

وصلت لوحة “العذراء والطفل” للرسام الإيطالي أنطونيو سولاريو أخيراً إلى موطنها الأصلي في متحف بيلونو المدني بإيطاليا، بعد غياب دام أكثر من نصف قرن منذ سرقتها عام 1973. أعادت المواطنة البريطانية باربرا دي دوزا اللوحة طوعياً بعد جهود مكثفة من محامي استرداد الآثار كريستوفر مارينيلو، المُلقب بـ”شرلوك هولمز عالم الفن”.

السرقة والاكتشاف

سُرقت اللوحة في ليلة 24-25 أغسطس 1973 من متحف بيلونو المدني في إقليم فينيتو شمال إيطاليا، ضمن عملية سطو استهدفت عدة أعمال فنية من المجموعة المدنية. كانت اللوحة قد وصلت إلى المتحف عام 1872 كهبة من الطبيب أنطونيو جيامبيكولي. بقيت آثار اللوحة مفقودة لعقود، بينما تم استرداد معظم القطع المسروقة الأخرى من النمسا بعد وقت قصير من السرقة.

ظهرت اللوحة مجدداً عام 2017 عندما حاولت باربرا دي دوزا بيعها في دار مزادات محلية في نورويتش بإنجلترا. تنبه خبير فني إلى أن العمل مدرج في قاعدة بيانات الأعمال المسروقة للكارابينيري الإيطالي، مما أدى إلى وقف عملية البيع.

المعركة القانونية والوساطة

ورثت دي دوزا اللوحة من زوجها السابق البارون دي دوزا، الذي اشتراها بحسن نية من تاجر نمساوي عام 1973 دون معرفة أصلها المسروق. رفضت في البداية إعادة اللوحة، محتجة بقانون التقادم البريطاني لعام 1980، الذي يسمح لمشتري السلع المسروقة بحسن نية أن يصبح مالكاً قانونياً بعد مرور ست سنوات.

Advertisement

تدخل محامي استرداد الفن كريستوفر مارينيلو، مؤسس شركة Art Recovery International، للتوسط في القضية دون مقابل. استغرقت المفاوضات نحو 18 شهراً، حيث أقنع مارينيلو دي دوزا بأن الاحتفاظ باللوحة يشكل التزاماً قانونياً. قال مارينيلو: “رغم أن قانون التقادم البريطاني دعم موقفها، إلا أن اللوحة المدرجة في قواعد بيانات الإنتربول والكارابينيري للأعمال المسروقة لا يمكن بيعها أو عرضها أو نقلها دون مخاطر المصادرة”.

العودة الاحتفالية

سُلمت اللوحة رسمياً في احتفال متواضع في 21 يوليو 2025 في متحف بيلونو المدني. حضر الاحتفال عمدة بيلونو أوسكار دي بيلغرين، والسلطات الإقليمية، وقيادة الكارابينيري لحماية التراث الثقافي.

صرح العمدة دي بيلغرين قائلاً: “إعادة تحفة مثل لوحة أنطونيو سولاريو إلى بيلونو تمثل أكثر من نجاح مؤسسي، إنها انتصار أخلاقي وثقافي لمجتمعنا بأكمله”. أضاف: “إعادة هذه اللوحة إلى المدينة تعني إرجاع جزء من هويتها وتاريخها وروحها”.

أنطونيو سولاريو والعمل الفني

أنطونيو سولاريو، المعروف أيضاً بلقب “لو زينغارو” (الغجري)، كان رساماً من عصر النهضة الإيطالية عمل في العقدين الأولين من القرن السادس عشر. تدرب في البندقية وارتبط بالمدرسة الفينيسية، لكنه عمل في مختلف أنحاء إيطاليا. تحفظ أعماله في متاحف مرموقة مثل المعرض الوطني في لندن.

Advertisement

لوحة “العذراء والطفل” مرسومة بالتمبرا على الخشب بأبعاد 86×67 سنتيمتراً. تُظهر اللوحة العذراء المتأملة مع الطفل المسيح على خلفية تذكر بأعمال ليوناردو دا فينشي.

كريستوفر مارينيلو: خبير استرداد الفن

يُعتبر كريستوفر مارينيلو واحداً من أبرز خبراء استرداد الأعمال الفنية المسروقة والمنهوبة عالمياً. محامٍ بخبرة تزيد عن 38 عاماً، أسس شركة Art Recovery International عام 2013 المتخصصة في خدمات العناية الواجبة وتسوية المنازعات واسترداد الفن. استرد أعمالاً فنية مسروقة ومنهوبة بقيمة تزيد عن 500 مليون دولار.

عمل مارينيلو في قضايا مهمة لاسترداد الأعمال المنهوبة من قبل النازيين، بما في ذلك أول عمل فني يُسترد من مجموعة غورليت الشهيرة، وهو لوحة “المرأة الجالسة” لهنري ماتيس. يدرّس حالياً في جامعة كا فوسكاري في البندقية.

التحديات القانونية والأخلاقية

تسلط القضية الضوء على التعقيدات القانونية في استرداد الأعمال الفنية المسروقة. بينما دعم القانون البريطاني موقف دي دوزا، كانت اللوحة مدرجة في قواعد بيانات الأعمال المسروقة للإنتربول والكارابينيري الإيطالي منذ عام 1973.

Advertisement

يحتفظ الإنتربول بقاعدة بيانات عالمية للأعمال الفنية المسروقة تضم حوالي 57 ألف قطعة مبلغ عنها من 125 دولة عضو. القاعدة هي الوحيدة على المستوى الدولي التي تحتوي على معلومات شرطية معتمدة حول الأعمال المسروقة والمفقودة.

دور Arte Generali

لعبت شركة التأمين Arte Generali دوراً حاسماً في إتمام العملية، حيث تبرعت بتغطية جميع التكاليف اللوجستية المرتبطة بالإعادة. وصف مارينيلو الشركة بأنها “ليست مجرد شركة تأمين فني كبرى بل راعية عصرية للفنون”.

الكارابينيري وحماية التراث الثقافي

تأسست قيادة الكارابينيري لحماية التراث الثقافي عام 1969، وهي أول قوة شرطة متخصصة في العالم في هذا المجال. تدير القيادة أقدم وأكبر قاعدة بيانات عالمية للآثار المطلوبة، تحتوي على 1.3 مليون ملف.

استردت القيادة أكثر من ثلاثة ملايين قطعة تراث ثقافي خلال أكثر من نصف قرن من عملها. في عام 2020 وحده، استردت 501,574 قطعة مسروقة رغم تحديات جائحة كورونا.

Advertisement

مستقبل اللوحة

عُرضت اللوحة للجمهور في متحف بيلونو المدني لأسبوع واحد فقط حتى 27 يوليو 2025، إلى جانب لوحتين أخريين من “العذراء والطفل” للرسام بارتولوميو مونتانيا سُرقتا أيضاً في عملية السطو نفسها عام 1973. ستخضع اللوحة بعدها لأعمال ترميم شاملة قبل عرضها نهائياً في مجموعة المتحف.

أشار مرمم المتحف كارلو كافالي إلى أن اللوحة تُظهر علامات ضعف، خاصة حركات في الدعامة الخشبية تسببت في كسور على السطح الصوري مع فقدان مواد. لا تزال أعمال أخرى مسروقة في السطو نفسه، بما في ذلك لوحة ثانية بعنوان “العذراء والطفل” للرسام بلاسيدو فابريس من القرن التاسع عشر، خارج الحيازة العامة.

تُعتبر عودة لوحة سولاريو انتصاراً للعدالة والذاكرة الثقافية، وتؤكد على أهمية الحفاظ على التراث الفني ومحاربة تهريب الآثار على المستوى الدولي.