أصدرت الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية قراراً رسمياً يحظر بشكل قاطع تصنيع واستيراد وتوزيع وتسويق واستعمال جميع مستحضرات التجميل التي تحتوي على مادة أكسيد ثنائي الفينيل ثلاثي ميثيل بنزويل الفوسفين، المعروفة اختصاراً بـ”TPO”. جاء هذا القرار في أواخر أغسطس 2025، في إطار التوافق مع معايير السلامة الدولية وحماية الصحة العامة.
وفي مذكرة رسمية موجهة إلى العاملين في قطاعي الصحة والتجميل والمستهلكين، شددت الوكالة على أن استخدام طلاء الأظافر ومنتجات “الجل” التي تحتوي على مادة TPO “أصبح محظوراً بشكل قطعي”.
خلفية علمية وأسباب القرار
أوضحت الوكالة المغربية أن القرار جاء بعد تقييم علمي شامل ودقيق للبيانات المتوفرة والمعايير الدولية المتعلقة بمادة TPO. وكشفت الدراسات أن هذه المادة، التي تُستخدم كـ”مبادر ضوئي” في بعض أنواع طلاء الأظافر ومنتجات “الجل” التي تتصلب تحت الأشعة فوق البنفسجية، تحمل “خصائص سامة مقلقة”.
أكدت الوكالة أن الدراسات أظهرت أن التعرض المتكرر لهذه المادة قد يشكل مخاطر صحية محتملة، بما في ذلك آثار سامة على الصحة البشرية. تعتبر مادة TPO من المواد الكيميائية التي تُستخدم كمبادر ضوئي لتمكين منتجات الجل من التصلب عند تعرضها للأشعة فوق البنفسجية أو إضاءة LED.
التوافق مع القوانين الأوروبية
يأتي القرار المغربي بالتزامن مع حظر الاتحاد الأوروبي لمادة TPO في مستحضرات التجميل، والذي دخل حيز التنفيذ في الأول من سبتمبر 2025. صنفت السلطات الأوروبية مادة TPO ضمن فئة CMR Category 1B، أي “مفترض أن تكون سامة للتكاثر البشري” بناءً على دراسات قوية أُجريت على الحيوانات.
وفقاً للائحة الأوروبية رقم 1223/2009 الخاصة بمستحضرات التجميل، لا يُسمح بالمواد المصنفة كمسرطنة أو مطفرة أو سامة للتكاثر في المنتجات التجميلية، إلا إذا تم منح استثناء خاص. وقد تم إدراج TPO في الملحق الثاني من القائمة الأوروبية للمواد المحظورة في مستحضرات التجميل.
إجراءات ملزمة للمهنيين والمستهلكين
دعت الوكالة المغربية مهنيي قطاع التجميل إلى “التوقف الفوري عن استعمال أي منتج يحتوي على TPO، مع ضمان عدم عرضه للزبائن”. كما حثت المستهلكين على “فحص مكونات منتجات طلاء الأظافر والجل بعناية لضمان امتثالها لمعايير السلامة الحالية”.
أكدت الوكالة أهمية تطبيق أحكام هذه المذكرة الإرشادية لحماية صحة المستهلكين، ودعت جميع أصحاب المصلحة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لنشر وتطبيق هذه التوجيهات.
طبيعة المخاطر الصحية
تشير الأبحاث العلمية إلى أن مادة TPO قد تسبب مشاكل صحية عند التعرض المتكرر لها، خاصة فيما يتعلق بالسمية الإنجابية. وقد رفعت السلطات السويدية مخاوف إضافية حول هذه المادة في يونيو 2020، مما أدى إلى مراجعة علمية لاحقة أفضت إلى إعادة تصنيفها.
كما أشارت بعض الدراسات إلى أن المادة قد تسبب أضراراً للأظافر، بما في ذلك انفصالها، بالإضافة إلى إمكانية التسبب في ردود فعل تحسسية عند ملامسة الجلد.
السياق الدولي للحظر
لا يقتصر الحظر على المغرب والاتحاد الأوروبي، بل يمتد إلى دول أخرى تسعى لمواءمة معاييرها مع المعايير الدولية للسلامة. في بريطانيا، من المقرر تطبيق قيود مماثلة في عام 2026، بينما تستمر المادة في الاستخدام خارج هذه المناطق.
تؤكد الوكالة الأيرلندية للمنتجات الطبية (HPRA) أنه من الأول من سبتمبر 2025، لا يمكن بيع المنتجات التي تحتوي على المكونات المتأثرة أو إتاحتها في السوق. وتشدد على أن هذا الحظر يشمل جميع الاستخدامات، بما في ذلك الاستخدام المهني في الصالونات.
البدائل المتاحة والحلول
تشير الشركات المتخصصة في صناعة مستحضرات الأظافر إلى وجود بدائل آمنة لمادة TPO، مثل مادة TPO-L (Ethyl (2,4,6-trimethylbenzoyl)phenylphosphinate) التي تعتبر مطابقة للمتطلبات الصحية والتنظيمية الحالية للاتحاد الأوروبي. رغم التشابه في الأسماء، هاتان المادتان مختلفتان تماماً من الناحية الكيميائية.
تؤكد العديد من الشركات أنها بدأت بالفعل في إعادة تركيب منتجاتها لتصبح خالية من TPO، مع الحفاظ على نفس مستوى الأداء والجودة. كما تعمل هذه الشركات على ضمان الشفافية الكاملة في قوائم مكونات منتجاتها.
أهمية القرار في إطار السلامة العامة
يأتي هذا الإجراء ضمن الدور المحوري للوكالة المغربية في اليقظة الصحية، وضمان سلامة وجودة المنتجات الصحية المتوفرة في السوق الوطنية، وحماية الصحة العامة. كما يساهم في مواءمة المعايير الوطنية مع أفضل الممارسات الدولية فيما يتعلق بسلامة وتنظيم منتجات التجميل.
تشدد الوكالة على أهمية التوعية بمخاطر المواد المستخدمة في منتجات التجميل، وتعتبر هذه الخطوة جزءاً من الجهود المستمرة لضمان الامتثال للمعايير الصحية الدولية في المغرب. يعكس هذا القرار التزام المغرب بحماية صحة مواطنيه ومواكبة أحدث التطورات في مجال سلامة المستهلك على المستوى العالمي.
