خيم الحزن على المجتمع الرياضي اللبناني إثر وفاة المتمرّس في الطيران الشراعي عمر سنجر، الذي لقي مصرعه أثناء تدريب في بحر جونية يوم الأربعاء الماضي. سنجر، من مواليد طرابلس، كان يستعد لتمثيل لبنان في بطولة العالم المقبلة بتركيا. الحادث أعاد تأجيج النقاش حول معايير السلامة في هذه الرياضة عالية المخاطر.
في بيان رسمي، أوضح الدفاع المدني أن غرفة العمليات المركزية تلقت بلاغاً بسقوط مظلي في البحر قبالة شاطئ جونية أثناء تأديته حركات استعراضية. فُوجئ الطيار الشاب بتعقّد جناحه الشراعي بعد سلسلة حركات هوائية، مما منع المظلة الرئيسة من الفتح فارتطم بالمياه مباشرةً. ثم عُثر على جثته على عمق نحو 15 متراً من الشاطئ، وتم تأكيد وفاته في موقع الحادث.
عرف سنجر بخبرته الطويلة في الطيران الشراعي، حيث حاز على عدة ألقاب دولية في بطولات الشرق الأوسط وأوروبا، وكان مؤسس صفحة “Beirut Paragliding” على منصات التواصل. أكد زميله نجوان أن سنجر مارس خلال التدريب حركاتٍ غير مألوفة بسبب خطورتها العالية، ولم يكن هناك أي قارب إنقاذ متواجد قبالة منطقة سقوطه، ما أسهم في تفاقم الحادث.
علّقت وزارة الشباب والرياضة نشاط الطيران الشراعي مؤقتاً عقب الحادثة، وأصدرت قراراً بإعادة تقييم بروتوكولات السلامة والمعدات المعتمدة، بالتعاون مع الاتحاد اللبناني للطيران الشراعي. وشددت الوزارة على ضرورة إلزام الممارسين بحظر تنفيذ الحركات الهوائية الاستعراضية دون إشراف مدربين معتمدين، ووضع نقاط مراقبة وإنقاذ في مواقع الانطلاق والهبوط.
يأتي هذا الحادث بعد أقل من سنة على وفاة شاب قاصر في حادث مشابه بجونية، ما أثار غضباً واسعاً في مواقع التواصل. طالب ناشطون بفرض رقابة أكثر صرامة على شركات تنظيم الطيران الشراعي، وتحديد معايير واضحة لاستخدام المظلات الاحتياطية والتأمين على الرياضيين. كما دعوا إلى تنظيم دورات تدريبية إلزامية لنظريات السلامة والإسعافات الأولية.
تُعدّ جونية من أبرز الوجهات في لبنان لممارسة الطيران الشراعي، لتميزها بتضاريس جبلية تطلّ مباشرة على البحر المتوسط. تتراوح تكلفة الرحلة الواحدة بين 100 و120 دولاراً، ويتوافد آلاف السياح سنوياً لمشاهدة العروض الجوية. إلا أن هذه الرياضة ما زالت تفتقر إلى وحدات إنقاذ بحرية مجهزة بكامل المعدات القلبية والغطس السريع.
في مقطع مصوّر نُشر عبر قناة “الجديد”، روت أخت سنجر، سمية، أن أخاها كان أعزب ومكرّساً جميع وقته للتدريب. وأضافت أن الخبر أحزن العائلة والمجتمع بأكمله، وشعرت وكأنها سقطت معه في لحظات الحادث.
أكد الاتحاد اللبناني للطيران الشراعي في بيان تأجيل جميع الفعاليات المحلية والدولية حتى الانتهاء من تحقيق لجنة السلامة، وتقديم تقرير مفصّل عن ملابسات الحادث. كما وعد الاتحاد بتحديث مواصفات المعدات واعتماد منظومة تعليمية متقدمة للمتدربين والمحترفين على حد سواء.
يعكس حادث وفاة عمر سنجر الحاجة الملحّة لتعزيز معايير السلامة في رياضة الطيران الشراعي. ويأمل الرياضيون بفتح حوار جدي بين الجهات الرسمية والمنظمات المختصة لضمان ممارسة هذه الرياضة المذهلة بأقل قدر ممكن من المخاطر.