دخلت قوات الجيش السوري إلى مدينة السويداء يوم الإثنين 14 يوليو، أي بعد يومين من الاشتباكات مع فصائل “خارجة عن القانون” كما وصفت.
حيث وقعت اشتباكات عنيفة في المدينة بحسب مصادر محلية، وأعلنت وزارة الدفاع السورية، أن قوات الجيش بدأت دخول المدينة، عقب اشتباكات دامية في محيطها خلال اليومين الماضيين.
وقالت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع، إن “قوات الجيش السوري تبدأ دخول المدينة”، وهي المرة الأولى التي يدخل فيها الجيش السوري مدينة السويداء الدرزية، منذ سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
وكان الجيش السوري أكد الثلاثاء 15 يوليو، أن “مجموعات خارجة عن القانون” تحاول الهروب من المواجهة، عبر الانسحاب إلى وسط مدينة السويداء.

وذكرت إدارة الإعلام والاتصال في وزارة الدفاع، أن “الجيش السوري مستمر في عملياته بهدف بسط الاستقرار والأمن” بمحيط المدينة.
وأضافت: “نوصي أهلنا في المحافظة بالتزام المنازل والإبلاغ عن أي تحركات للمجموعات الخارجة عن القانون، التي قد تلجأ لاستخدام الأحياء المدنية منطلقا لعملياتها”.
وفي وقت سابق من صباح الثلاثاء، أعلن قائد الأمن الداخلي في المحافظة فرض حظر تجول في شوارع المدينة، اعتبارا من صباح الثلاثاء وحتى إشعار آخر.
وطالب قائد الأمن الداخلي الأهالي بـ”التزام منازلهم”، مؤكدا ضرورة منع “العصابات الخارجة عن القانون من استخدام المباني السكنية كمواضع لمواجهة قوات الدولة”.
وتقدمت القوات الحكومية نحو مدينة السويداء ذات الغالبية الدرزية مساء الإثنين، بعد معارك أوقعت نحو 100 قتيل، بينما أكدت إسرائيل أنها تدخلت بقصفها دبابات سورية، محذرة من استهداف الدروز.
الهجري يرفض الاتفاق
رفض الشيخ حكمت الهجري الاقتتال في السويداء، معلناً أن بيان الرئاسة الروحية للطائفة صدر تحت الضغط، ومؤكداً التزامه بالحوار وكرامة الناس ورفض القمع والإملاءات المفروضة، داعين في الوقت نفسه التحرك وحماية أهالي السويداء بشتى الوسائل من الإبادة.
وفي كلمة مصورة وجّهها إلى أبناء المحافظة، أعلن الشيخ حكمت الهجري، الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز في سوريا، أن البيان الصادر مؤخراً باسم الرئاسة الروحية، والذي تضمن ترحيباً بدخول قوات الداخلية والدفاع إلى المدينة، جاء تحت الضغط والإكراه، وليس بمحض إرادتهم.
وقال الشيخ الهجري إن ما يجري في المدينة مقلق وخطير، مؤكداً رفضه المطلق لتحوّل المحافظة إلى ساحة للعنف والاقتتال، مشدداً على أن الدم الذي يسفك في الشوارع لا يُرضي ضميراً ولا ديناً، داعياً أبناء الجبل إلى التمسك بالحكمة والكرامة، ورفض الإملاءات المفروضة بالقوة.
وأضاف: “نحن لا نقبل أن يُكتب باسمنا ما لا نؤمن به. البيان صدر بضغط شديد. ونحن من هذه اللحظة نُبرئ ذمتنا من أي موقف لا يُعبّر عن صوتنا الحقيقي”، مؤكداً أن الرئاسة الروحية تقف إلى جانب الناس، لا مع الجهات التي تحاصرهم أو تروّعهم.
وكان البيان الذي نُشر، باسم الرئاسة الروحية، قد تضمن ترحيباً بتدخل قوات الدولة ودعوة لتسليم السلاح، ما أثار استياءً واسعاً بين الأهالي، الذين شعروا أن البيان لا يعكس حقيقة موقف القيادة الروحية.
وأكد الهجري في كلمته أن الحل في السويداء لا يمكن أن يكون بالقمع، بل بالحوار الصادق، واحترام كرامة الناس، مضيفاً: “لا نبيع أولادنا ولا نساوم على حريتنا، ومن يعتقد أن الجبل يُركع فهو واهم”.
تحذيرات خارجية
قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، إن “الجيش الإسرائيلي هاجم أهدافاً في سوريا كرسالة وإنذار واضح للنظام السوري”.
وأضاف “لن نسمح بالمساس بالدروز في سوريا. إسرائيل لن تقف مكتوفة الأيدي”.
وذلك بعد إدخال الدبابات والعربات الثقيلة إلى السويداء، حيث أكد الجيش الإسرائيلي أنه لن يسمح بوجود “تهديد عسكري” في جنوب سوريا، وذلك بعد ساعات من استهدافه دبابات في هذه المنطقة التي تشهد اشتباكات أوقعت عشرات القتلى.
مجازر وإهانات
بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان قتل 12 مدنيا درزيا في عمليات “إعدام ميدانية” نفذتها قوات الأمن السورية في مضافة بمدينة السويداء التي دخلتها في وقت سابق يوم الثلاثاء 15 يوليو، بينما جرى تداول مقاطع لعمليات إذلال عبر “قص شوارب” عدد من الرجال عنوة، فيما أكد أحد الناشطين المقربين من الشيخ الذي ظهر في الفيديو بأنه قد تم قتله بعد تصويره.
وأظهر مقطع مصور انتشر على منصات التواصل الاجتماعي أشخاصا يرتدون ملابس مدنية مضرجين بالدماء داخل المضافة، طرح بعضهم أرضا وآخرون على أرائك، وبجانبهم صور لمشايخ دروز ملقاة على الأرض وأثاث مخرب ومبعثر. وتكسير لمعالم ورموز.

كما تعرض عدد من الأهالي لعمليات إذلال، وجرى بحسب مقاطع متداوَلة، قص شوارب الرجال عنوة، واستعمال “ماكينات الحلاقة” في مشهد أثار غضبا واسعا بين السكان.
تسارع في الأحداث
رصد الجيش الإسرائيلي حالات عبور للسياج الحدودي في منطقة مجدل شمس من قبل دروز، وقال نتنياهو في بيان مصور صادر عن مكتبه متوجهًا للدروز: “أنتم مواطنو إسرائيل، لا تعبروا الحدود، فأنتم بذلك تعرّضون حياتكم للخطر؛ قد تُقتلون، وقد تُخطفون”.
وأضاف أن “الوضع في السويداء، والوضع في جنوب غربي سوريا، خطير للغاية”.
من جانبه توعد كاتس سوريا بتوجيه ضربات مؤلمة، قائلا: “لقد انتهى وقت الرسائل في دمشق، الآن ستأتي الضربات الموجعة”.
وذلك بعد تصاعد وتيرة العنف في الجنوب السوري وانتشار الدبابات في المدينة.
بعدها صرح “كاتس”، في وقت لاحق، أن “الضربات المؤلمة بدأت في دمشق”.
واستهدفت سلسلة ضربات إسرائيلية، الأربعاء، محيط مبنى رئاسة الأركان والقصر الرئاسي في دمشق.
اعتراف رسمي بالتجاوزات
أقرّت الحكومة السورية، ممثلة حتى بمؤسسة الرئاسة، بوجود “تجاوزات” ارتُكبت في السويداء من عدة أطراف، وتعهدت بمحاسبة المسؤولين عنها، في خطوة تشير إلى تحوّل في الخطاب الرسمي من سياسة الإنكار التي اتبعها نظام الأسد سابقا، إلى إقرار بالمشكلة ووعود بمعالجتها.
انسحاب و اتفاق وشيك
بدء انسحاب الجيش من السويداء بعد انتشار القوى الأمنية في المدينة. حسب ما أفادت وزارة الدفاع السورية.
فيما نشرت وسائل إعلام سورية أن “الجيش بدأ الانسحاب من السويداء ولكن القصف الإسرائيلي يؤخر العملية”.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو: “اتفقنا على خطوات محددة ستضع نهاية للأوضاع في سوريا الليلة”.
كما أكد التلفزيون السوري الرسمي أن هناك “اتفاقا وشيكا” بين إسرائيل وسوريا لإنهاء الأزمة برعاية أميركية.
وأضاف أن “سوريا ترحب بجهود واشنطن والدول العربية لحل الأزمة الحالية سلميا”.
خلفية الأحداث
بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فإن شرارة الاشتباكات اندلعت يوم السبت 12 يوليو، عقب اختطاف تاجر خضار درزي من قبل مسلحين من البدو أقاموا حواجز على طريق دمشق والسويداء، لتتطور الأمور إلى عمليات خطف متبادلة بين الجانبين.
وتصاعدت بعدها الأحداث بشكل كبير، لتصرح بعدها وزارة الدفاع السورية في بيان إنها بدأت بالتنسيق مع وزارة الداخلية، نشر وحدات عسكرية متخصصة في المناطق المتأثرة، و تأمين ممرات آمنة للمدنيين.