كشف ضباط من أجهزة الاستخبارات والجيش الإسرائيلي، في تحقيقات وتقارير موسعة صدرت خلال الأشهر الأخيرة، كواليس عملية اغتيال الأمين العام السابق لحزب الله حسن نصر الله في الضاحية الجنوبية لبيروت أواخر سبتمبر 2024، بما في ذلك الأدوار المحورية للعملاء الميدانيين ودوائر اتخاذ القرار داخل إسرائيل.
خطة الاغتيال
وفق تحقيقات موسعة لـ”والا” و”نيويورك تايمز” وتصريحات ضباط إسرائيليين من بينهم وزير الدفاع السابق غالانت، بدأت خطة الاستهداف بتتبُّع يومي لتحركات نصر الله بمساعدة عميل سري أُطلق عليه اسم “جي”، حيث رصدت الاستخبارات كل تفصيلة عن نمط حياته وتقلباته.
توصلت وحدة “آمان” العسكرية مع الموساد والشاباك لاجتماع مشترك ناقش جميع السيناريوهات والمخاطر: كان مهمًا تجنب فشل العملية كي لا يتحول نصر الله إلى رمز أسطوري في حال نجاته، ولهذا تقرر زيادة حجم الذخيرة المستخدمة إلى 80 طناً من المتفجرات، بحسب غالانت، بغرض ضمان إصابته المباشرة تحت الأرض.
كيف نصبت إسرائيل مصيدة الاغتيال؟
استغل عملاء الموساد والجيش اجتماعاً مفاجئًا شارك فيه نصر الله ونائب قائد فيلق القدس الإيراني ببيروت، بعد يومين فقط من دفن أحد قادة المسيرات لدى الحزب، وتم تجنيد عنصر مؤثر في الدائرة المحيطة به لإيهامه بأن إسرائيل لا تهتم بوضعه مما دفعه للخروج من مخبئه تحت الأرض.
نفذت 14 طائرة حربية غارة دقيقة عند أذان المغرب، استخدمت خلالها أكثر من 80 طناً من المتفجرات، فدمرت البناية المستهدفة في أقل من 10 ثوانٍ ودفنت كل من كان فيها، بينهم نصر الله وقادة ميدانيين للحزب ومسؤول عسكري إيراني.
وثقت الاستخبارات التحركات لتأكيد مكان نصر الله عبر إشارات الكومبيوتر والاتصالات وأجهزة الاتصال اللاسلكية، بل تم تفجير آلاف المناداة اللاسلكية (بيجرز) لإحداث التشويش وقطع الاتصالات بين القيادة الميدانية والمباني المحيطة.
تفاصيل سرية وموقف القيادة الإسرائيلية
أوضح ضباط شاركوا في وضع الخطة أن اتخاذ قرار الاغتيال النهائي مرّ على أعلى مستويات الدولة، إذ أصر وزير الدفاع والمسؤولون الأمنيون على تنفيذ العملية بمجرد توفر فرصة دقتها، وبدأت منظومة الحكم الإسرائيلية بالاستعداد أمنياً وسياسياً لأي تصعيد أو رد انتقامي بعد العملية.
وأكدت التحقيقات أيضاً أن إيران كانت قد حذرت نصر الله مسبقاً عبر قنوات سرية من احتمال وجود مخطط، لكن ثقته في الإجراءات الأمنية حوله جعلته يرفض مغادرة لبنان، بحسب ما كشفت مصادر لوكالة رويترز.