أعلنت الحكومة البريطانية إقالة سفيرها لدى الولايات المتحدة اللورد بيتر ماندلسون من منصبه بأثر فوري، وذلك بعد كشف رسائل بريد إلكتروني جديدة تظهر عمق علاقته برجل الأعمال الراحل جيفري إبستين المدان بجرائم جنسية، في تطور يشكل إحراجاً كبيراً لرئيس الوزراء كير ستارمر قبل أيام من الزيارة الرسمية للرئيس الأمريكي دونالد ترمب إلى بريطانيا.
قالت وزارة الخارجية البريطانية في بيان رسمي إن رسائل البريد الإلكتروني المكشوفة حديثاً “تظهر أن عمق ونطاق علاقة بيتر ماندلسون مع جيفري إبستين يختلفان كلياً عما كان معروفاً في وقت تعيينه”، مؤكدة أنه “في ضوء ذلك، واحتراماً لضحايا جرائم إبستين، فقد تمت إقالته من منصب السفير بأثر فوري”. أشارت الخارجية البريطانية إلى أن “تأكيد بيتر ماندلسون على أن الإدانة الأولى لجيفري إبستين كانت غير مبررة ويجب الطعن فيها” يُعد “معلومات جديدة” برّرت قرار الإقالة.
كشفت صحيفة “ذا صن” البريطانية عن رسائل إلكترونية أرسلها ماندلسون لإبستين في عام 2008، قبيل دخول الأخير السجن لمدة 18 شهراً بتهمة طلب خدمات جنسية من قاصر، حيث كتب له “أفكر فيك كثيراً وأشعر بالعجز والغضب بشأن ما حدث”، وحثه على “النضال من أجل الحصول على إفراج مبكر”. في رسالة أخرى كُتبت قبل دخول إبستين السجن مباشرة، قال ماندلسون “أعتبرك من أهم الأشخاص في حياتي”، ونصحه باستخدام استراتيجيات من كتاب “فن الحرب” لسون تزو في مواجهة المحاكمة.
برزت القضية في البداية بعد نشر أعضاء في الكونغرس الأمريكي “كتاب أعياد الميلاد” الذي جُمع لإبستين بمناسبة عيد ميلاده الخمسين في عام 2003، والذي احتوى على رسالة شخصية من ماندلسون وصف فيها إبستين بأنه “أفضل صديق” و”رجل ذكي وسريع البديهة”. الكتاب، الذي جُمع من قِبل غيلاين ماكسويل شريكة إبستين السابقة المحكوم عليها بالسجن 20 عاماً، ضم 238 صفحة تتضمن صوراً لماندلسون مع إبستين.
رغم دفاع ستارمر القوي عن ماندلسون يوم الأربعاء في البرلمان، حيث قال إن السفير “أعرب مراراً عن أسفه العميق لارتباطه” بإبستين وأكد ثقته الكاملة به، إلا أن رئيس الوزراء غيّر موقفه تماماً خلال 24 ساعة بعد ظهور رسائل إلكترونية إضافية. جاء هذا التراجع وسط ضغوط متزايدة من زعيمة حزب المحافظين كيمي بادنوخ، التي وصفت المراسلات بأنها “مثيرة للاشمئزاز” وطالبت بإقالة ماندلسون فوراً.
تأتي إقالة ماندلسون في توقيت حرج، قبل أيام قليلة من الزيارة الرسمية المقررة للرئيس ترمب إلى بريطانيا الأسبوع المقبل، والذي كانت تربطه علاقة قوية مع ماندلسون. يُعتبر ماندلسون أول تعيين سياسي في منصب السفير لدى واشنطن منذ ما يقرب من 50 عاماً، حيث عُيّن لمهارته السياسية وصلاته في العاصمة الأمريكية بدلاً من خلفيته الدبلوماسية التقليدية.
جيفري إبستين، الذي توفي في السجن عام 2019 بينما كان ينتظر محاكمته بتهم الاتجار الجنسي بالقاصرات، كان له شبكة واسعة من الأصدقاء النافذين تشمل شخصيات ملكية وسياسية، العديد منهم واجه تدقيقاً بسبب علاقته به. من بين هؤلاء الأمير أندرو شقيق الملك تشارلز، الذي جُرد من مسؤولياته الملكية الرسمية بسبب صلاته بإبستين، رغم نفيه لأي سوء سلوك.