شهد العراق اليوم انطلاق الانتخابات البرلمانية لعام 2025 وسط أجواء أمنية مشددة وترقب سياسي وشعبي كبير، حيث فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في جميع محافظات البلاد مع ساعات الصباح الباكر، وبلغ عدد الناخبين المسجلين أكثر من 21 مليون ناخب بحسب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات. وجاءت هذه الانتخابات لاختيار أعضاء مجلس النواب الجديد البالغ عددهم 329 نائباً، وسط منافسة شديدة بين نحو 7743 مرشحًا موزعين على عشرات القوائم والتحالفات والأحزاب بمختلف التوجهات السياسية والمناطقية.
تتميز هذه الانتخابات بأنها الأولى التي تجري وفقًا لتعديل جديد في قانون الانتخاب (التعديل الثالث لعام 2018 المعدل في 2023)؛ إذ عاد النظام إلى التمثيل النسبي والقوائم المفتوحة مع اعتماد معادلة سانت ليغو المعدلة في توزيع المقاعد، وهو ما آثار نقاشات واسعة في الشارع السياسي حول فرص الأحزاب الصغيرة والمستقلين وإمكانيات وصولهم إلى البرلمان. وبرز هذا التغيير بعد أزمة سياسية طاحنة أعقبت الانتخابات السابقة واستقالة نواب الكتلة الصدرية بشكل كامل ومقاطعتها النهائية للاستحقاق الحالي. ويُتوقع أن يكون المشهد البرلماني الجديد مختلفا نوعا ما مع بروز ائتلافات وتيارات متداخلة تجمع أحزابا شيعية وسنية وكردية وقوى مدنية وعابرة للطوائف، بالإضافة لتحالفات جديدة لقوى مسيحية.
جاءت العملية الانتخابية بعد تصويت خاص جرى قبل أيام وشهد نسبة مشاركة غير مسبوقة بلغت 82.52% بين أفراد القوات الأمنية والعسكرية والنازحين، حيث أشادت المفوضية بسلاسة التصويت الإلكتروني وعدم تسجيل أي اختراقات أو مشاكل تقنية في المحطات الانتخابية. وبلغ عدد محطات الاقتراع قرابة 39 ألف محطة موزعة على أكثر من 8700 مركز انتخابي على عموم البلاد. وأكدت الحكومة العراقية أن إجراءات التصويت العام جرت بسلاسة وسط إشراف أمني ومراقبة محلية ودولية واسعة لضمان النزاهة والشفافية.
هذا الاستحقاق النيابي يحظى بأهمية بالغة لكونه اختباراً جديداً لثقة الشارع العراقي في العملية الديمقراطية ومؤسسات الدولة بعد سنوات من الأزمات السياسية والانقسامات الحادة وموجات الاحتجاجات. كما يكتسب بعداً إقليمياً مع وضوح التنافس المحلي والإقليمي على تشكيل الكتل النيابية المؤثرة وتحديد مسار الحكومة المقبلة، في ظل مقاطعة الصدريين من جهة وبحث القوى الكردية والسنية عن تعزيز وزنها من جهة أخرى.
الاتحاد الأوروبي ومنظمات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية أرسلوا عشرات المراقبين لمتابعة سير العملية، مع تعهد الحكومة والمفوضية بإعلان النتائج الأولية خلال 24 ساعة من انتهاء التصويت، على أن يتم النظر في الطعون والشكاوى قبل المصادقة النهائية على النتائج واعتمادها دستورياً، ليبدأ بعدها مسار تشكيل التحالفات البرلمانية والحكومة الجديدة. هذه الانتخابات تمثل لحظة حاسمة في رسم ملامح المرحلة المقبلة سياسيًا واقتصاديًا، وسط آمال متزايدة في تحقيق الاستقرار البرلماني واتساع دائرة التمثيل الشعبي في المؤسسة التشريعية العراقية.




