فاز المرشح الديمقراطي زهران ممداني بمنصب عمدة مدينة نيويورك، ليحقق بذلك سابقة تاريخية كأول مسلم يتولى هذا المنصب في أكبر مدينة أمريكية من حيث عدد السكان، وأحد معاقل الحزب الديمقراطي التقليدية. وقد أعلنت لجنة الانتخابات في نيويورك النتائج الأولية التي أظهرت تقدم ممداني بشكل واضح على منافسيه، متجاوزاً أندرو كومو الحاكم السابق للولاية، ومتفوقاً أيضاً على المرشح الجمهوري كيرتس سليوا.
وقد بلغ عدد المشاركين في التصويت أكثر من مليوني ناخب، في أكبر نسبة مشاركة تشهدها انتخابات بلدية المدينة منذ عقود، ما يعكس الأهمية البالغة لهذه الانتخابات في السياق السياسي الأميركي. وتأتي نتائج فرز الأصوات لتؤكد أن ممداني حصل على غالبية حاسمة، خاصة بين الشباب والفئات الأكثر اهتماماً بقضايا العدالة الاقتصادية والاجتماعية، مما أعطاه زخماً غير مسبوق بين قواعد اليسار الديمقراطي ونشطاء حقوق الأقليات.
وفي تصريحات مهمة عقب إعلان فوزه، أكد زهران ممداني عبر مؤتمر صحفي نقلته وسائل الإعلام الأميركية أن انتصاره “يرسم معالم طريق جديد لمعارضي الرئيس دونالد ترامب”. وأوضح أن النجاح الذي تحقق في نيويورك يمكن البناء عليه، كونه يُظهر القدرة على حشد الشباب والفئات المهمشة والداعمين للسياسات التقدمية، ما يجعل من إمكانية هزيمة ترامب “أمراً واقعياً إذا توحدت القوى المؤمنة بالعدالة الاجتماعية وتوسيع المشاركة المدنية”.
ينتمي ممداني إلى الجناح اليساري التقدمي في الحزب الديمقراطي، ويُعرف بتأييده لقضايا العدالة الاقتصادية ومعارضة السياسات المحافظة التي يمثلها دونالد ترامب، والذي بدوره شن هجوماً لاذعاً على ممداني عبر منصات التواصل الاجتماعي، واصفاً إياه بأنه “شيوعي” ومهدداً بوقف التمويل الوطني عن المدينة في حال فوزه. كما حاول ترامب ربط فوز ممداني بتدهور أوضاع المدينة، واصفاً اختيار الناخبين بأنه “سيترك نيويورك بلا فرص للبقاء أو النجاح”، في محاولة لتأليب الرأي العام ضده.
غير أن نتائج الانتخابات أظهرت بوضوح أن الناخبين في نيويورك اختاروا التغيير والانفتاح على خطاب جديد مناهض للعنصرية ومعزز لمبادئ الشفافية والعدالة، حيث ركز ممداني خلال حملته على قضايا غلاء المعيشة، ودعم العدالة العرقية، ومناصرة قضايا الشرق الأوسط وتحديداً فلسطين، وهو ما لاقى ترحيباً في أوساط الجاليات العربية والإسلامية بالمدينة.
وقد أكد زهران ممداني في أول تعليق له بعد إعلان النتائج الرسمية أن ما تحقق في نيويورك هو دليل على “قوة أصوات الفئات المهمشة عندما تتوحد، وأن الديمقراطية الحقيقية تصنعها المشاركة الكثيفة والإيمان بالعدالة والقيم الإنسانية”. ودعا جميع القوى التقدمية إلى استثمار هذا الزخم في مواجهة السلطة التقليدية وإظهار نموذج بديل يمكنه أن يضع حداً لعودة السياسات الترامبية في الولايات المتحدة.
