أظهرت دراستان حديثتان أن عملية الشيخوخة لا تسير بوتيرة ثابتة طوال الحياة، بل تتسارع في مرحلتين عمريتين رئيسيتين.
في الدراسة الأولى، التي نُشرت في مجلة Nature Aging، حلل فريق بحثي من جامعة ستانفورد بيانات بيولوجية لـ108 متطوعين تراوحت أعمارهم بين 25 و75 عاماً.
توصل الباحثون إلى أن الجسم يواجه قفزة بيولوجية مفاجئة في منتصف الأربعينيات، تحديداً عند عمر 44 عاماً، تؤثر في قدرة الأيض على التعامل مع الدهون والكافيين والكحول، إضافة إلى تراجع مرونة الجلد وقوة العضلات.
ثم تظهر القفزة الثانية عند عمر الستين، حيث تتعرّض منظومة المناعة والتمثيل الغذائي للكربوهيدرات لوهن، ويرتفع خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية.
في الدراسة الثانية، التي أعدها فريق من الأكاديمية الصينية للعلوم ونشرت نتائجها صحيفة “الشرق الأوسط”، فُحصت 516 عينة أنسجة مأخوذة من 76 متبرعاً بالأعضاء، تراوحت أعمارهم بين 14 و68 عاماً.
أظهرت هذه الدراسة أن ثمة ارتفاعاً في إفراز أكثر من 48 بروتيناً مرتبطاً بالأمراض مع التقدّم في العمر.
وبينما تتنامى مستويات البروتينات تدريجياً، برز تحول واضح في إفراز هرمونات الغدة الكظرية بين عمر 45 و55 عاماً، مما يُعدّ مؤشراً على تسارع عملية الشيخوخة في كل أجهزة الجسم.
كما لوحظ ارتفاع بروتين GAS6 في الشريان الأورطي، ما قد يفسر قدرة هذا الوعاء الدموي على نقل جزيئات تعزز الشيخوخة نظامياً.
يرى خبراء الشيخوخة أن هذه “قفزات” مفاجئة ترتبط بعدة آليات بيولوجية.
أولى هذه الآليات هي تلف التيلوميرات؛ وهي نهايات الكروموسومات التي تقصر مع كل دورة انقسام خلوي، ما يسرع شيخوخة الخلايا ويؤدي إلى انخفاض التجدد الخلوي.
أما الآلية الثانية فتتمثل في الإجهاد التأكسدي المزمن بفعل الجذور الحرة، الذي يتراكم مع التقدم في العمر ويؤثر في وظائف الأعضاء الحيوية.
ثالثاً، تُعزى الزيادة المفاجئة للتغيرات إلى الالتهابات منخفضة الدرجة المستمرة، التي تهيئ البيئة المناعية لظهور أمراض مزمنة كالسكري والتهاب المفاصل.
وأخيراً، يُعتبر فقدان الكتلة العضلية من أوائل علامات منتصف العمر، إذ يفقد البالغون من 3% إلى 5% من كتلة عضلاتهم كل عقد، ما ينعكس سلباً على الأيض والقدرة الجسدية.
تسلط هذه الدراسات الضوء على أهمية التركيز مبكراً على نمط الحياة الصحي.
ينصح الأطباء باتباع نظام غذائي متوازن غني بالخضار والفواكه، مع تقليل السكريات والكحول.
كما يعدُّ ممارسة التمارين الهوائية والمقاومة بانتظام عاملاً أساسياً لحماية الكتلة العضلية وتأخير التغيرات الأيضية.
ويُشدد على أهمية تنظيم النوم والتقليل من التوتر النفسي للحد من الإجهاد التأكسدي والالتهابات.