تزداد حالات الإصابة بنزلات البرد في فصل الصيف، مما يدهش كثيرين لاعتقادهم أن البرد مرتبط حصراً بفصل الشتاء. إلا أن الأطباء يؤكدون أن “برد الصيف” يمكن أن يكون أكثر إزعاجاً وشدة من نزلات البرد الشتوية، ويتطلب اهتماماً خاصاً للعلاج والوقاية.
أسباب الإصابة بنزلة البرد في الصيف
توضح الدراسات الطبية أن نزلات البرد الصيفية تحدث لأسباب مختلفة عن نظيرتها الشتوية، وتشمل:
الأسباب الفيروسية
تُسبب الفيروسات المعوية (Enteroviruses) معظم حالات برد الصيف، وتختلف عن فيروسات الأنف (Rhinoviruses) المسؤولة عن نزلات البرد الشتوية. هذه الفيروسات المعوية تزداد نشاطاً مع ارتفاع درجات الحرارة وتتأقلم مع الطقس الحار، كما أنها تؤثر على الجهاز الهضمي إضافة إلى الجهاز التنفسي.
التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة
يُعد الانتقال المفاجئ من البيئة الحارة إلى الأماكن المكيفة السبب الرئيسي لبرد الصيف. عندما يكون الجسم متعرقاً أو ترتفع درجة حرارته ثم يتعرض لهواء التكييف أو المراوح، تجف الأغشية المخاطية بشدة وتفقد وظيفتها كدرع واقٍ من الفيروسات.
عوامل بيئية وسلوكية أخرى
تشمل الأسباب الأخرى للإصابة بنزلة البرد الصيفية:
- الاستحمام ثم التعرض للمروحة أو المكيف مباشرة
- الإفراط في تناول المشروبات المثلجة والآيس كريم
- كثرة الاختلاط والتجمعات أثناء العطلات الصيفية
- السفر بالطائرة والتعرض لهواء المقصورة المكيف
- تخفيف الملابس المفاجئ
الأعراض المميزة لبرد الصيف
تظهر أعراض نزلة البرد الصيفية بشكل مفاجئ وتكون أكثر شدة من برد الشتاء، وتشمل:
الأعراض التنفسية
- التهاب الحلق الشديد
- انسداد أو رشح الأنف
- السعال الجاف
- العطس المتكرر
الأعراض العامة
- آلام شديدة في الجسم والعضلات
- صداع مؤلم
- ارتفاع درجة الحرارة
- الخمول والإرهاق الشديد
- فقدان الشهية
الأعراض الهضمية (مميزة لبرد الصيف)
- اضطراب المعدة والغثيان
- الإسهال أحياناً
- تقرحات الفم في بعض الحالات
الفئات الأكثر عرضة للإصابة
يحدد الأطباء الفئات الأكثر عرضة للإصابة بنزلات البرد الصيفية
- كبار السن الذين تكون مناعتهم أضعف
- الأطفال الصغار خاصة تحت سن الخامسة
- الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة كالربو والسكري
- المسافرون بكثرة خلال فصل الصيف
- العاملون في بيئات مكيفة لفترات طويلة
نصائح العلاج الفعّال
العلاج الطبيعي والمنزلي
يؤكد الأطباء أن العلاج الطبيعي هو الأساس في التعامل مع نزلات البرد الصيفية:
المشروبات الدافئة والعسل
- شاي الزنجبيل بالعسل: يُغلى الزنجبيل في الماء لخمس دقائق، ثم يُضاف العسل. الزنجبيل يحتوي على مركبات مضادة للالتهابات، والعسل له خصائص مضادة للبكتيريا ومهدئة للحلق
- المشروبات الدافئة مثل اليانسون والنعناع تساعد في تهدئة الأعراض
الترطيب والسوائل
- شرب كميات وفيرة من الماء لمنع الجفاف، خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة
- تناول العصائر الطبيعية والحساء المُصفى
- تجنب المشروبات التي تحتوي على الكافيين لأنها تزيد الجفاف
الغرغرة والاستنشاق
- الغرغرة بالماء المالح الدافئ لتهدئة التهاب الحلق
- استنشاق البخار من الماء الساخن لتخفيف احتقان الأنف
العلاج الدوائي
في الحالات الشديدة، يمكن استخدام:
- مزيلات الاحتقان التي تُصرف دون وصفة طبية
- مسكنات الألم مثل الباراسيتامول
- مثبطات السعال عند الحاجة
- بخاخات الأنف المالحة لتخفيف الاحتقان
ملاحظة مهمة: يحذر الأطباء من استخدام المضادات الحيوية لعلاج نزلات البرد الفيروسية، لأنها غير فعالة وقد تضر بالصحة.
إرشادات الوقاية الأساسية
تجنب التغيرات المفاجئة في درجات الحرارة
- عدم توجيه المروحة أو التكييف على الجسم مباشرة
- ضبط درجة التكييف على 25-26 درجة مئوية
- تغطية الجسم عند النوم تحت التكييف
- تجنب الخروج من الأماكن المكيفة إلى الحر مباشرة
النظافة الشخصية
- غسل اليدين بانتظام بالماء والصابون أو استخدام المعقم
- تجنب لمس الوجه والعينين والأنف
- استخدام المناديل الورقية عند العطس أو السعال
- الابتعاد عن الأشخاص المصابين بمسافة متر على الأقل
تقوية جهاز المناعة
التغذية السليمة
- تناول الأطعمة الغنية بفيتامين سي كالحمضيات والكيوي والفراولة
- الإكثار من الفواكه والخضروات الطازجة التي تحتوي على مضادات الأكسدة
- تناول الأطعمة الغنية بالزنك والحديد لتعزيز المناعة
نمط الحياة الصحي
- الحصول على نوم كافٍ لا يقل عن 7-8 ساعات يومياً
- ممارسة الرياضة بانتظام دون إجهاد مفرط
- التعرض المعتدل لأشعة الشمس للحصول على فيتامين د
احتياطات خاصة للفئات المعرضة للخطر
- ارتداء الكمامة في الأماكن المزدحمة للأشخاص ضعيفي المناعة
- تجنب الأماكن سيئة التهوية قدر الإمكان
- الحصول على لقاح الإنفلونزا السنوي خاصة لكبار السن والأطفال
متى يجب استشارة الطبيب؟
يحذر الأطباء من ضرورة طلب العناية الطبية الفورية في الحالات التالية:
- ارتفاع درجة الحرارة بشكل مستمر لأكثر من 3 أيام
- صعوبة في التنفس أو ضيق شديد في الصدر
- ألم شديد في الأذن قد يدل على التهاب
- استمرار الأعراض لأكثر من أسبوعين دون تحسن
- ظهور أعراض جفاف شديد مثل عدم التبول
خلاصة التوصيات الطبية
تشير الدراسات إلى أن الوقاية خير من العلاج، وأن اتباع النصائح البسيطة يمكن أن يجنب الإصابة بنزلات البرد الصيفية المزعجة. كما يؤكد الأطباء أن العسل أكثر فعالية من المضادات الحيوية في علاج السعال ونزلات البرد، ولا يحمل آثاراً جانبية.
الأهم من ذلك كله هو الحفاظ على التوازن بين الاستفادة من وسائل التبريد في الصيف وتجنب التعرض المفرط لها، مع الاهتمام بتقوية جهاز المناعة من خلال نمط الحياة الصحي والتغذية السليمة.
