أصدر المرصد الوطني لحقوق الطفل بلاغاً رسمياً يؤكد تعبئة الآلية الوطنية للتكفل النفسي بالصدمات النفسية للطفل بتعليمات مباشرة من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، رئيسة المرصد، وذلك لتقديم المساعدة الفورية للطفل الذي وقع ضحية جريمة اغتصاب جماعي مروعة بمدينة الجديدة.
الاستجابة العاجلة والتكفل الطبي
أوضح المرصد في بلاغه الرسمي أنه تم تخصيص طبيبة نفسية متخصصة في شؤون الأطفال ووضعها رهن الإشارة لتأمين تكفل نفسي عاجل وملائم للضحية، بهدف التخفيف من وقع الصدمة والوقاية من آثارها المدمرة على الصحة النفسية للطفل.
وأكد المصدر ذاته أن المرصد الوطني لحقوق الطفل، وبتوجيه من رئيسته صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم، يتابع عن كثب كافة الإجراءات المتخذة لحماية الطفل، بتنسيق مباشر مع السيد وكيل الملك والمحامية المكلفة بالملف، وذلك لضمان استجابة شاملة وسريعة.
تفاصيل الجريمة المروعة
وقعت الجريمة بالتزامن مع فعاليات موسم مولاي عبد الله الثقافي بمدينة الجديدة، حيث تم استدراج الطفل الضحية البالغ من العمر 13 عاماً، والمنحدر من مدينة اليوسفية، بعد قدومه إلى الموسم برفقة أحد أصدقائه.
وبحسب بيان صادر عن فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بآسفي، فقد أقدم الجناة على تخدير الطفل ثم تعاقبوا على الاعتداء عليه. وأشارت الجمعية إلى أنه حسب المعطيات المتوفرة، تناوب على اغتصاب الطفل ما يفوق 10 أفراد.
بعد إخبار الدرك الملكي بالجديدة، توجهت أم الطفل إلى المستشفى الإقليمي باليوسفية حيث خضع للفحص، ثم تم تحويله إلى المركز الاستشفائي الجامعي محمد السادس بمراكش قصد العلاج على متن سيارة الإسعاف، حيث وصل في حالة نفسية جد حرجة.
الآلية الوطنية للتكفل بالصدمات النفسية
تُذكر أن الآلية الوطنية للتكفل النفسي بالصدمات النفسية للطفل أُحدثت بمبادرة من صاحبة السمو الملكي الأميرة للا مريم في أكتوبر 2023، وتتكون من ست خلايا متخصصة موزعة على كبريات المدن المغربية: الدار البيضاء، الرباط، مراكش، أكادير، وجدة وفاس.
تهدف هذه الآلية إلى ضمان تدخل سريع لفائدة الأطفال دون سن 18 عاماً ضحايا الكوارث أو الأحداث الصادمة، مع توفير متابعة علاجية لاحقة تضمن حماية متكاملة. والمهمة الرئيسية لخلايا التكفل بالصدمات النفسية للأطفال هي تقديم المواكبة النفسية والدعم الملائم للأطفال ضحايا الصدمات بعد وقوع كارثة طبيعية أو إنسانية.
التأكيد على خطورة العنف ضد الأطفال
شدد البلاغ على أن الأميرة للا مريم دأبت على التأكيد أن العنف ضد الأطفال يشكل عبئاً ثقيلاً على صحتهم النفسية طوال حياتهم، مذكّراً بأن الدراسات العالمية أثبتت العلاقة الوثيقة بين صدمات الطفولة وظهور اضطرابات نفسية خطيرة في المستقبل.
تشمل هذه الاضطرابات القلق والاكتئاب والانتحار واضطراب ما بعد الصدمة، فضلاً عن السلوكيات العدوانية وتعاطي المخدرات، مما يستدعي تدخلاً نفسياً عاجلاً ومتخصصاً لمنع تفاقم هذه الآثار المدمرة.
المرصد الوطني لحقوق الطفل وإنجازاته
يشكل المرصد الوطني لحقوق الطفل، الذي أُسس عام 1995 تحت رئاسة الأميرة للا مريم، لبنة أساسية في مسار الترافع والدفاع عن حقوق الأطفال بالمملكة المغربية. راكم المرصد طيلة السنوات الماضية سلسلة من الإنجازات مكنت من تغيير العديد من القوانين الوطنية وتكييفها وفق الاتفاقيات الدولية التي وقع عليها المغرب.
أطلق المرصد مبادرات وبرامج وطنية في كافة المجالات وكان سباقاً لكسر الطابوهات حول انتهاكات حقوق الطفل، كما هو الشأن بالنسبة للمركز الوطني للاستماع والدفاع عن الأطفال ضحايا العنف والاستغلال والإهمال الذي كان الأول من نوعه في القارة الأفريقية.
شبكة الدعم المتخصصة
يضم المرصد عدة مبادرات تأسيسية منها شبكة للأطباء النفسيين وأطباء الأطفال، وشبكة للمحاميات والمحامين المدافعين عن الأطفال، ومركز مدعوم برقم أخضر (2511) وتطبيق إلكتروني للإبلاغ عن العنف ضد الأطفال.
تم تكوين 105 متخصصين في مجال الصحة العقلية من جميع جهات المغرب في المرحلة الأولى للتعامل مع الصدمات النفسية للأطفال (75 إطاراً من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية و30 اختصاصياً نفسياً وأطباء نفسيين للأطفال) منذ إحداث الآلية الوطنية.
التحقيق القضائي والإجراءات القانونية
أعلنت النيابة العامة لدى محكمة الاستئناف بالجديدة عن فتح تحقيق قضائي معمق للكشف عن ملابسات الجريمة، حيث شمل ذلك إخضاع الضحية لخبرة طبية شرعية للتأكد من واقعة الاعتداء الجنسي. كما تم توقيف مشتبه بهم ووضعوا تحت تدبير الحراسة النظرية، في انتظار تعميق البحث بشأن تورطهم المحتمل في الجريمة.
الظروف الاجتماعية للضحية
يعيش الطفل حياة اجتماعية صعبة حيث توفي والده وتتولى والدته المصابة بمرض نفسي وتنتمي لفئة ذوي الهمم، إعالته بمفردها، مما يزيد من تعقيد الوضع ويستدعي اهتماماً خاصاً من الجهات المعنية بحماية الطفولة.
حملة التضامن الشعبي
انفجرت موجة التضامن مع الضحية حيث تصدر وسم #كلنا_بشير منصات التواصل الاجتماعي، مصحوباً بنداءات لمعاقبة الجناة وتفعيل إجراءات وقائية للحد من الاعتداءات ضد القاصرين، مما يعكس الاستنكار الشعبي الواسع لهذه الجريمة المروعة.
هذا التدخل السريع من الأميرة للا مريم والمرصد الوطني لحقوق الطفل يؤكد على الالتزام المغربي بحماية الأطفال وضمان حقوقهم، ويُظهر فعالية الآليات المؤسسية المتخصصة في التعامل مع مثل هذه الحالات الحرجة التي تتطلب تدخلاً عاجلاً ومتخصصاً.