وقع الأردن وروسيا اتفاقية تاريخية لإلغاء متطلبات التأشيرة بين البلدين، وذلك خلال لقاء نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو أمس الأربعاء. وتأتي هذه الخطوة كتتويج للجهود المبذولة منذ موافقة رئيس الوزراء الروسي ميخائيل ميشوستين على مسودة الاتفاقية في مايو الماضي.
تفاصيل الاتفاقية الجديدة
تنص الاتفاقية المُوقعة على إعفاء مواطني البلدين من متطلبات التأشيرة للرحلات السياحية لمدة لا تزيد عن 30 يوماً، على ألا تتجاوز مدة الإقامة الإجمالية 90 يوماً خلال العام الواحد. وتُلغي هذه الاتفاقية الإجراءات المُعقدة السابقة التي كانت تتطلب من الأردنيين الحصول على تأشيرة للدخول إلى روسيا مقابل حوالي 50 دينار أردني للتأشيرة الاعتيادية.
وأكد وزير الخارجية الروسي لافروف أن الاتفاقية “ستسهم في زيادة التبادلات الإنسانية والسياحية، وتوسيع علاقاتنا التجارية مع الأردن”. من جانبه، أوضح الصفدي أن “اتفاق إلغاء التأشيرات سيمثل نقلة نوعية في تعزيز التواصل الإنساني والثقافي بين البلدين، كما سيدفع بعجلة التعاون الاقتصادي والتجاري إلى آفاق جديدة من التكامل والشراكة الاستراتيجية”.
السياق التاريخي للعلاقات الثنائية
تعود العلاقات الدبلوماسية بين الأردن وروسيا إلى 21 أغسطس 1963، عندما أقيمت العلاقات بين المملكة الأردنية الهاشمية والاتحاد السوفيتي آنذاك بمبادرة من الجانب الأردني. وفي فبراير 1992، اعترف الأردن بروسيا كوريثة للاتحاد السوفيتي، مما أرسى أسس الشراكة الاستراتيجية الحديثة بين البلدين.
وأثنى لافروف على العلاقات التاريخية بين البلدين، مؤكداً على “الديناميكية العالية التي يتميز بها الحوار السياسي بين روسيا والمملكة”. كما أعرب عن أمل موسكو في المشاركة المهمة للملك عبدالله الثاني في القمة الروسية العربية الأولى المزمعة في أكتوبر المقبل.
الآثار الاقتصادية والسياحية المتوقعة
من المتوقع أن تُحدث الاتفاقية نقلة في القطاع السياحي بين البلدين. وكان الأردن قد شهد في الشهرين الأولين من عام 2025 نمواً بنسبة 16.3% في الإيرادات السياحية، مسجلاً 1.28 مليون دولار، مدفوعاً بزيادة 18.5% في أعداد الزوار. وتشير البيانات إلى أن أكثر من 1500 طالب أردني يدرسون حالياً في روسيا، مما يعكس عمق العلاقات الثقافية والتعليمية بين البلدين.
وأشار لافروف إلى وجود “اتجاه إيجابي ونمو ملحوظ في حجم التبادل التجاري” بين البلدين، مؤكداً أن كلا البلدين “يمتلك مقومات وإمكانات كبيرة تتيح تعزيز هذا التعاون بشكل أكبر”. ومن المقرر عقد الاجتماع السابع للجنة الحكومية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي والثقافي والعلمي بين البلدين على الأراضي الروسية قبل نهاية العام الجاري.
إجراءات تطبيق الاتفاقية
تُدخل الاتفاقية أيضاً متطلبات جديدة للزوار الروس إلى روسيا، حيث سيتوجب على السياح الداخلين بدون تأشيرة تقديم طلب رقمي مسبق عبر تطبيق RuID المحمول، قبل 72 ساعة على الأقل من الوصول اعتباراً من 30 يونيو 2025. ويتطلب التطبيق صورة شخصية وتفاصيل جواز السفر ومعلومات الرحلة، ويُولد رمز QR مطلوب عند الحدود حيث سيتم جمع البيانات البيومترية أيضاً.
التطورات السياحية الإيجابية
شهد القطاع السياحي الأردني تطوراً ملحوظاً في جذب السياح الروس، حيث وصلت إلى مطار الملك حسين الدولي في العقبة في يونيو الماضي طائرة روسية تقل 220 سائحاً، وهي الأولى ضمن رحلات مبرمجة للمملكة بمعدل رحلة أسبوعياً. وأكد وزير السياحة والآثار نايف الفايز أن “وصول السياح الروس وانطلاقهم لزيارة كافة المواقع السياحية والأثرية في المملكة، يدعم دوران عجلة الحركة السياحية”.
وأشاد السفير الأردني في موسكو خالد الشوابكة بأهمية تعزيز العلاقات السياحية بين البلدين، مؤكداً الحرص على “تطوير العلاقات الثنائية وتسهيل إجراءات التأشيرة وتعزيز الرحلات الجوية المباشرة بين الأردن وروسيا”.
الأبعاد السياسية والإقليمية
تناولت المباحثات بين الصفدي ولافروف أيضاً القضايا الإقليمية، حيث شدد الصفدي على أن “الأردن مستمر بالجهود التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني من أجل وقف العدوان على غزة ووقف المجازر”. وأكد لافروف أن روسيا والأردن “يتشاطران مواقف متماثلة بشأن غزة والضفة الغربية”، داعياً إلى “وقف إطلاق نار شامل ودائم في غزة وتنفيذ اتفاقيات تبادل الأسرى”.
