تستعد وكالة الطاقة الدولية لإصدار تقريرها الرئيسي طويل المدى المقبل بنموذج أكثر محافظة حول الانتقال من الوقود الأحفوري، في خطوة قد تساعد في تخفيف الضغوط الأمريكية المتزايدة على هذه الهيئة متعددة الجنسيات، وفقاً لأكسيوس.
أهمية التغيير في منهجية تقرير الطاقة
تؤثر دراسات وكالة الطاقة الدولية على صانعي السياسات وقاعات اجتماعات شركات الطاقة والمستثمرين والباحثين في جميع أنحاء العالم.
لكن النقاد الجمهوريين وبعض المحللين يقولون إن الوكالة تبنت رؤية متفائلة بشكل مفرط ومصبوغة بالمناصرة للانتقال في مجال الطاقة.
حيث يهدد وزير الطاقة الأمريكي كريس رايت بانسحاب الولايات المتحدة من وكالة الطاقة الدولية، بينما يسعى بعض الجمهوريين في الكونغرس إلى إنهاء التمويل الأمريكي للوكالة.
العودة إلى “سيناريو السياسات الحالية”
أعلنت الوكالة بهدوء في إشعار تقويم أوسع في مارس أن تقريرها “نظرة عالمية للطاقة” – النظرة المستقبلية السنوية حتى منتصف القرن – ستتضمن “سيناريو السياسات الحالية” لأول مرة منذ 2019
وتحتوي تقارير النظرة العالمية للطاقة دائماً على عدة سيناريوهات، لكن في السنوات الأخيرة، اعتمد الأكثر حذراً على “السياسات المعلنة” – بما في ذلك تلك “قيد التطوير” – وليس فقط السياسات الحالية.
قالت وكالة الطاقة الدولية إن إصدار 2025 سيتضمن “طيفاً واسعاً من النتائج المحتملة التي تعكسها أسواق وسياسات اليوم”.
“ستشمل هذه سيناريوهات استكشافية تنبع من افتراضات مختلفة حول السياسات الموجودة، بما في ذلك سيناريو السياسات الحالية، بالإضافة إلى مسارات معيارية تحقق أهداف الطاقة والانبعاثات بالكامل”.
نقطة الخلاف حول الطلب على النفط
إحدى نقاط الاحتكاك هي رؤية وكالة الطاقة الدولية بأن الطلب على النفط سيتوقف عن النمو في هذا العقد، وهو ما وصفه رايت في يونيو بأنه “لا معنى له”.
ورغم ذلك، بينما تصطدم نظرة الوكالة حول استهلاك النفط مع بعض التوقعات الأخرى، يشير المدير التنفيذي فاتح بيرول إلى أن رؤيتها تقع ضمن التيار التحليلي السائد.
السياق السياسي والضغوط الأمريكية
تأتي هذه التطورات وسط تصاعد الانتقادات الأمريكية لمنهجية الوكالة، حيث انتقد المسؤولون الجمهوريون ما يرونه تحيزاً مؤسسياً نحو مصادر الطاقة المتجددة، واتهموا الوكالة بالتقليل من أهمية الوقود الأحفوري في المشهد العالمي للطاقة.
وتواجه الوكالة ضغوطاً متزايدة من إدارة ترامب الجديدة، التي تتخذ موقفاً أكثر تشكيكاً من توقعات الانتقال السريع للطاقة.
ويُنظر إلى إدخال “سيناريو السياسات الحالية” كمحاولة لتقديم تحليل أكثر توازناً يأخذ في الاعتبار الواقع السياسي الحالي بدلاً من الطموحات المستقبلية.
تأثيرات على السياسة والاستثمار والتحديات
من المرجح أن يكون لهذا التغيير تأثيرات واسعة على قرارات الاستثمار في قطاع الطاقة، فالشركات التي كانت تخطط لتحولات سريعة بناءً على توقعات الوكالة السابقة قد تعيد النظر في استراتيجياتها، بينما قد تجد شركات النفط والغاز تبريراً أقوى لاستثماراتها طويلة المدى.
كما قد يؤثر التقرير الجديد على المفاوضات الدولية حول المناخ، حيث تستخدم الحكومات غالباً تحليلات وكالة الطاقة الدولية لدعم مواقفها في المحافل الدولية.
رغم هذه التعديلات، تواجه وكالة الطاقة الدولية تحدياً في الحفاظ على مصداقيتها العلمية مع تلبية التوقعات السياسية المتنوعة لدولها الأعضاء، فالنجاح في هذا التوازن سيحدد قدرتها على الاستمرار كمرجع عالمي موثوق لتحليلات الطاقة.
ومن المتوقع أن يصدر التقرير هذا الخريف، وستكون ردود الفعل عليه مؤشراً مهماً على ما إذا كانت هذه التعديلات ستنجح في تهدئة الانتقادات الأمريكية أم أنها ستفتح جبهات جديدة من الجدل حول دور الوكالة في تشكيل مستقبل الطاقة العالمي.