أفاد رصد لوكالة الأنباء الفرنسية بأن 145 من أصل 193 دولة في الأمم المتحدة باتت تعترف أو تعتزم الاعتراف بدولة فلسطين. ويشكّل هذا العدد ما يقرب من ثلاثة أرباع أعضاء المنظمة الدولية.
جاء ذلك في ظل تجدد الزخم الدولي للقضية الفلسطينية بعد حرب غزة التي اندلعت في أكتوبر 2023. وزاد القلق العالمي بشأن معاناة المدنيين من الضغط على الدول الغربية لإعادة النظر في مواقفها التقليدية.
في جلسة طارئة للجمعية العامة للأمم المتحدة، اعتمدت الجمعية في 10 مايو 2024 قراراً يقضي بأن فلسطين تستوفي شروط العضوية الكاملة ويحثُّ مجلس الأمن على إعادة النظر في طلبها. وصوّتت الجمعية بأغلبية 143 دولة مقابل 9 معارضين و25 ممتنعاً.
تنتمي الدول التي أكدت اعترافها أو نواياها إلى تكتلات جغرافية واسعة. فقد أعلنت فرنسا اعترافها بالدولة الفلسطينية خلال أعمال الجمعية العامة المقبلة في سبتمبر، على أن تحذو بريطانيا وكندا وأستراليا حذوها بشرط اتخاذ إسرائيل خطوات ملموسة لتحسين الأوضاع الإنسانية في غزة.
في المقابل، استمرت الولايات المتحدة وإسرائيل وعدد محدود من الدول في معارضة أي اعتراف أحادي الجانب خارج إطار مفاوضات السلام المباشرة. وأكدت واشنطن عبر سفيرها لدى الأمم المتحدة أن الحل الدائم يستلزم مفاوضات ثنائية تضمن أمن إسرائيل وحقوق الفلسطينيين في دولة مستقلة.
تركّزت اهتمامات الدول الداعمة على احترام مبدأ تحديد المصير للشعب الفلسطيني. ورأى مندوب الإمارات العربية المتحدة في الأمم المتحدة أن قرار الجمعية العامة يعكس التزام المجتمع الدولي بإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين وفقاً للقرارات الأممية.
تُشير المعايير الأممية إلى أن اعتراف الدول بدولة جديدة يتطلب نصوصاً دستورية واضحة وسلطة تنفيذية قادرة على إدارة شؤون الدولة. وقد أبدت تقارير للأمم المتحدة والبنك الدولي أن السلطة الفلسطينية طورت مؤسسات وطنية تؤهلها لإدارة دولة قائمة ذات سيادة.
محللون دبلوماسيون رأوا أن هذا التوسع في الاعتراف يمثّل رسالة سياسية قوية لدعم مفاوضات جديدة. وبيّنوا أن أوروبا وأميركا اللاتينية وأفريقيا وآسيا عززت مواقفها تحت ضغط الرأي العام والمنظمات الحقوقية الداعية إلى إنهاء الاحتلال.
يرى خبراء أن الخطوة التالية تكمن في إغلاق ثغرة مجلس الأمن الحاسمة، حيث يتمتع الأعضاء الدائمون بحق الفيتو. وفي أبريل 2024، استخدمت الولايات المتحدة الفيتو لثاني مرة لمنع إحالة قرار فلسطين على التصويت في المجلس، بعد أن حظي بـ12 صوتاً مؤيداً وامتناع اثنين وضد واحد.
يُنتظر أن تؤثر التطورات اللاحقة على مسار المفاوضات غير المباشرة التي تدعمها الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، لا سيما في ظل جهود عربية وأوروبية لضمان وقف دائم لإطلاق النار وإطلاق عملية سياسية تفضي إلى دولتين متجاورتين ومتمتعتين بالاستقلال.
يبقى الاعتراف الدولي خطوة رمزية مهمة. لكنه يفتقر إلى أثر قانوني مباشر على الأرض من دون إجراءات عملية تضمن إنهاء الاستيطان ورفع الحصار عن غزة واستعادة وحدة الأراضي الفلسطينية.
يؤكد مراقبون أن القرار يشكل رصاصة في لوحة تفاوضية دولية مزدحمة بالمصالح المتناقضة. وأنه يضع المجتمع الدولي أمام مسؤولية تحويل الدعم الرمزي إلى خطوات ملموسة تساهم في إنهاء الصراع.
يحمل هذا الزخم دلالة سياسية مهمة، إذ باتت غالبية الدول ترفع راية الاعتراف بفلسطين كمرحلة تمهيدية لتحقيق السلام. ويعول الفلسطينيون على هذا الدعم لتحريك عملية سياسية جادة تؤدي إلى الاعتراف الإسرائيلي وتثبيت دولة فلسطين على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
ختاماً، يوضح تأييد ثلاثة أرباع أعضاء الأمم المتحدة أن القضية الفلسطينية ما تزال حاضرة بقوة على أجندة المجتمع الدولي. ويبقى التحدي الأكبر هو ترجمة هذا التأييد إلى واقع سياسي يحقق دولة فلسطينية قائمة ومستقلة، ضمن إطار حل الدولتين الذي يدعمه العالم.