تراجع قياسي في الشعاب المرجانية يثير مخاوف بيئية جدية

الشعاب المرجانية في أستراليا تشهد أكبر تراجع سنوي في غطائه المرجاني منذ بدء الرصد قبل 39 عاماً، بسبب ابيضاض جماعي مرتبط بتغير المناخز

فريق التحرير
فريق التحرير
تراجع قياسي في الشعاب المرجانية يثير مخاوف بيئية جدية

شهد الحاجز المرجاني العظيم في أستراليا تراجعاً تاريخياً في الغطاء المرجاني خلال العام الماضي، حيث سُجل أكبر انخفاض سنوي منذ بدء الرصد قبل 39 عاماً. وأكد المعهد الأسترالي لعلوم البحار في تقريره السنوي أن الحاجز المرجاني واجه تحديات بيئية متعددة أدت إلى فقدان كبير في الشعاب المرجانية الحية.

أسباب التدهور البيئي

أشار التقرير الصادر في 6 أغسطس 2025 إلى أن الإجهاد الحراري المرتبط بتغير المناخ كان السبب الرئيسي للتدهور. وأوضح الخبراء أن حدث الابيضاض الجماعي عام 2024 كان الأوسع انتشاراً على الإطلاق منذ بدء التوثيق. وقالت البروفيسورة سيلينا ستيد الرئيسة التنفيذية للمعهد الأسترالي لعلوم البحار: “أحداث الابيضاض الجماعي تصبح أكثر كثافة وتحدث بتكرار أكبر”.

تعرض الحاجز المرجاني أيضاً لضغوط إضافية شملت الأعاصير وتدفق المياه العذبة وتفشي نجم البحر تاج الأشواك. وأكدت الدراسات أن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تراجع حاد في نسبة الغطاء المرجاني الحي.

إحصائيات التراجع الإقليمي

أظهرت البيانات الرسمية تفاوتاً في مستويات الضرر عبر المناطق الثلاث للحاجز المرجاني. في المنطقة الشمالية انخفض الغطاء المرجاني من 39.8% إلى 30% بمعدل تراجع بلغ 24.8%. وسجلت المنطقة الوسطى انخفاضاً من 33.2% إلى 28.6% بنسبة تراجع 13.9%.

Advertisement

أما المنطقة الجنوبية فقد شهدت أشد الخسائر حيث تراجع الغطاء المرجاني من 38.9% إلى 26.9% بنسبة انخفاض بلغت 30.6%. وأوضح الدكتور مايك إيمزلي رئيس برنامج المراقبة طويل الأجل: “هذه هي المرة الأولى التي نشهد فيها آثار ابيضاض كبيرة في المنطقة الجنوبية”.

تأثير أنواع المرجان سريعة النمو

ركز التقرير على تضرر مرجان الأكروبورا الذي يعتبر من الأنواع سريعة النمو والأكثر تأثراً بالضغوط البيئية. وقال إيمزلي: “قلنا في الماضي إن هذه الشعاب المرجانية هي الأسرع نمواً والأولى في الاختفاء، لأنها عرضة للإجهاد الحراري والأعاصير وهي طعام مفضل لنجم البحر تاج الأشواك”.

أظهرت الدراسات العلمية أن هذا النوع من المرجان كان محركاً للانتعاش السريع بين عامي 2017 و2024، لكنه أصبح الأكثر تضرراً من أحداث الابيضاض.

نطاق المسح والمنهجية

أجرى المعهد الأسترالي لعلوم البحار مسحاً شاملاً لـ 124 موقعاً مرجانياً بين أغسطس 2024 ومايو 2025. واستخدم الفريق العلمي تقنية “مانتا تو” التي تعتبر طريقة معيارية لتقدير نسبة الغطاء المرجاني الصلب.

Advertisement

أظهرت النتائج أن 48% من المواقع المسحية شهدت تراجعاً في الغطاء المرجاني، بينما لم تسجل 42% تغييراً صافياً، وحققت 10% فقط زيادة. وتركزت المواقع التي حافظت على استقرار أو شهدت زيادة في الغطاء المرجاني بشكل أساسي في منطقة الحاجز المرجاني الوسطى.

التهديدات الإضافية

رصدت فرق البحث وجود نجم البحر تاج الأشواك في 27 موقعاً مرجانياً، حيث سُجل تفشٍ شديد في موقع واحد بالمنطقة الجنوبية. كما تم توثيق تفشيات في خمسة مواقع إضافية موزعة بين المنطقتين الجنوبية والشمالية.

تشير التقديرات العلمية إلى أن نجم البحر تاج الأشواك يمكن أن يجرد الشعبة المرجانية من 90% من أنسجتها الحية المرجانية خلال فترة التفشي. وتعتبر هذه الكائنات من الحيوانات المفترسة الطبيعية للمرجان لكنها تصبح مشكلة عندما تصل أعدادها لمستويات التفشي.

سياق الأحداث العالمية

ينتمي حدث الابيضاض المسجل عام 2024 إلى الحدث العالمي الرابع للابيضاض المرجاني الذي بدأ عام 2023. وأعلنت الإدارة الوطنية الأمريكية للمحيطات والغلاف الجوي والمبادرة الدولية للشعاب المرجانية عن هذا الحدث في أبريل 2024.

Advertisement

أكدت البيانات أن 84% من النظم المرجانية حول العالم تأثرت بارتفاع درجات حرارة المحيطات مقارنة بنحو 67% خلال الحدث السابق بين عامي 2014-2017. وتزامن هذا مع تسجيل عام 2024 كأحر عام في التاريخ المسجل.

التقلبات في الغطاء المرجاني

أشار الدكتور إيمزلي إلى ظاهرة التقلب المتزايد في مستويات الغطاء المرجاني الصلب قائلاً: “هذه ظاهرة ظهرت على مدى السنوات الـ 15 الماضية وتشير إلى نظام بيئي تحت ضغط”. وأضاف أن الحاجز المرجاني شهد تذبذباً بين أدنى المستويات القياسية وأعلاها في فترة زمنية قصيرة نسبياً.

رغم التراجع الحاد، أكد التقرير أن الغطاء المرجاني الحالي يقارب المتوسط طويل الأجل في كل منطقة. وأشارت البيانات إلى أن الحاجز المرجاني العظيم لا يزال في حالة أفضل نسبياً مقارنة بالعديد من الشعاب المرجانية الأخرى حول العالم.

أحداث الابيضاض المتتالية

شهد صيف 2025 حدث ابيضاض جماعي سادس منذ عام 2016، مما يجعلها المرة الثانية في عقد واحد يشهد فيها الحاجز المرجاني أحداث ابيضاض في عامين متتاليين. وتركز الحدث الأخير بشكل أساسي في المنطقة الشمالية والشعاب عبر شمال غرب أستراليا.

Advertisement

أظهرت المسوحات الجوية في مارس 2025 أن 41% من 162 شعبة مرجانية داخلية ومتوسطة الرف سجلت انتشاراً متوسطاً إلى عالياً للابيضاض. كما لوحظ ابيضاض منخفض أو معدوم في 99% من الشعاب الخارجية في المنطقة الشمالية.

الآثار الاقتصادية والبيئية

يمتد الحاجز المرجاني العظيم على مسافة 2400 كيلومتر قبالة ساحل ولاية كوينزلاند شمال أستراليا. ويساهم هذا النظام البيئي بمبلغ 6.4 مليار دولار أسترالي سنوياً في الاقتصاد المحلي.

تحرص الحكومة الأسترالية على إبقاء الحاجز المرجاني خارج قائمة مواقع التراث العالمي المعرضة للخطر، حيث أن إدراجه قد يضر بصناعة السياحة. وتوصي منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة بإضافة الموقع لهذه القائمة.

التوقعات المستقبلية

حذر العلماء من أن النافذة الزمنية لإنقاذ الحاجز المرجاني العظيم تضيق بسرعة. وأكدت البروفيسورة ستيد أن “مستقبل الشعاب المرجانية في العالم يعتمد على تخفيضات قوية لانبعاثات غازات الدفيئة”.

Advertisement

تشير التقارير العلمية إلى أن النظام البيئي قد يصل لنقطة حرجة لا يمكنه التعافي منها بما فيه الكفاية بين الأحداث الكارثية. وأكد الخبراء أن أحداث الابيضاض الجماعي تحدث الآن بتكرار متزايد بينما تتقلص فترات التعافي على نطاق النظم المرجانية الفردية والعالمية.