بدأت محاكمة رياك مشار النائب الأول لرئيس جنوب السودان أمس الاثنين وسط إجراءات أمنية مشددة في العاصمة جوبا، ودفع محاميه بعدم اختصاص المحكمة لنظر الدعوى، وفقاً لوكالة رويترز.
وفي مستهل الجلسة، ظهر مشار محاطاً بثمانية متهمين آخرين داخل قفص حديدي، وأوضحت المحكمة الخاصة أنه تم تشكيلها بقرار من رئيس المحكمة العليا.
ورفع دفاع مشار، بقيادة المحامية جيري ريموندو ليجي، اعتراضاً دستورياً أساسياً، استندوا إلى أن مشار يتمتع بحصانة بوصفه نائباً أول ما لم يُعزل وفق آليات الإقالة البرلمانية المنصوص عليها في الدستور الانتقالي.
كما استند الدفاع إلى أن المحاكمة يجب أن تشملها اختصاصات المحكمة الهجينة المنبثقة عن اتفاقية السلام المنعقدة عام 2018.
النيابة تؤكد صلاحية المحكمة لمحاكمة رياك وجميع المتهمين
من جانبها، أدلت النيابة بمرافعة أكدت فيها صلاحية المحكمة العادية الخاصة لمحاكمة جميع المتهمين. وأشارت إلى أن اتفاقية سلام 2018 لا تتعارض مع القوانين الوطنية المتعلقة بمكافحة الخيانة والقتل والتدمير والإرهاب.
لائحة اتهام رياك تتضمن الخيانة والإرهاب وجرائم ضد الإنسانية
وجاء في لائحة الاتهام الموجهة إلى مشار اتهامات تتعلق بـالخيانة ضد الدولة، والإرهاب وتدمير الممتلكات العامة والعسكرية، وجرائم ضد الإنسانية تتعلق بمجزرة ناصر في مارس 2025.
وأفادت النيابة أن هذه الاتهامات نشأت عن هجوم شنه ما يُعرف باسم “الجيش الأبيض” في ولاية النيل الأعلى بمشاركة عناصر يعتقد ارتباطها بمشار.
وأسفر الهجوم عن مقتل أكثر من 250 جندياً من قوات دفاع جنوب السودان، ووضعت السلطات مشار تحت الإقامة الجبرية منذ أواخر مارس 2025 م قيد التحقيقات.
جلسة المحاكمة تمت تحت إجراءات أمنية مشددة في جوبا
حضرت الجلسة أجواء متوترة في محيط قاعة الحرية، إذ انتشر جنود ومدرعات على الطرقات الرئيسية في جوبا.
وفُرضت قيود على حركة المدنيين والمركبات في أحياء متفرقة من العاصمة، كما بُثت الجلسة لمدة ثلاث ساعات عبر التلفزيون الحكومي لزيادة شفافية الإجراءات.
جدل قانوني بين الدفاع والنيابة حول دستورية محاكمة رياك مشار
أفاد المحامي جيري ريموندو ليجي بأن الإجراءات ترمي إلى “انتهاك اتفاقية السلام وبث الفتنة بين مكونات المجتمع”، وأشار إلى أن عدم تأسيس المحكمة الهجينة الذي نصت عليه الاتفاقية يُعد إخلالاً جوهرياً بالعهد الدولي والإقليمي.
وطالب بوقف المحاكمة حتى يتم تأسيس الهيئة الهجينة طبقاً للاتفاقية الملحقة بالدستور.
في المقابل، عبر ممثل النيابة المصرية باج أونيوس إيجيلي عن رفضه هذا الطعن بقوله: “المحكمة الوطنية لها ولاية مستقلة بموجب القوانين الوطنية، ولا تنتظر إنشاء أي هيئات دولية”، وأكد أن انتظار تشكيل المحكمة الهجينة يساوي دعوات للإفلات من العقاب على الجرائم الخطيرة المزعومة.
ولم يُستكمل النظر في الطلبات الدستورية إذ قررت المحكمة تأجيل الجلسة إلى اليوم الثلاثاء لاستدعاء المرافعات الخطية لمراجعتها.
وحددت المحكمة خمسة أيام لتبادل المذكرات بين الدفاع والنيابة قبل الفصل في طلبات الاختصاص والمنازعات الإجرائية.
وتأتي هذه المحاكمة في سياق توترات سياسية بين مشار ورئيس الدولة سلفا كير ميارديت المستمرة منذ استقلال جنوب السودان عام 2011.
فقد شهد الاتفاق السياسي لإنهاء الحرب الأهلية 2018 اشتراطات خاصة في ضوء النزاعات العرقية بين الدِينكا والنوير، وتمت مناقشة إنشاء المحكمة الهجينة كجزء من المصالحة الوطنية.