في عصر غدت فيه التكنولوجيا جزءاً أصيلاً من تفاصيل حياتنا اليومية، وتحوَّل فيه العالم إلى قرية صغيرة يقودها الإعلام الرقمي، يبرز جيل شاب من صناع المحتوى الإماراتيين الذين حملوا على عاتقهم مسؤولية الحفاظ على الهوية الوطنية، مقدمين نموذجاً يحتذى في التوثيق الثقافي والتراثي.
في مقدمة هؤلاء يبرز اسم إبراهيم العوضي، أحد أبرز صناع المحتوى الإماراتيين المعاصرين، الذي كرّس منصاته الرقمية لتقديم وجوه الحياة القديمة في الإمارات، مسلطاً الضوء على جماليات التراث وعراقة الماضي، مستنداً في ذلك إلى الحكايات التي استقاها من مجالسة كبار المواطنين، فضلاً عن البحث الدقيق في المراجع الموثوقة، كما يؤكد العوضي نفسه في تصريحاته الصحفية المنشورة في صحيفة «الإمارات اليوم» بتاريخ 18 أغسطس 2025، وهي من بين أبرز المصادر الحديثة والرسمية حول نشاطه المهني.
المحتوى التراثي: منهجية التوثيق وفلسفة النقل
يقول إبراهيم العوضي في حواره المنشور مع «الإمارات اليوم» إنه اختار منصات التواصل الاجتماعي نافذة للتعريف بالعادات الأصيلة والحِرف الشعبية القديمة، مستهدفاً نقل المعرفة المرتبطة بالموروث الإماراتي والعادات والتقاليد إلى فئة الشباب. ويضيف: «لقد درست الموارد البشرية، ثم خضعت لدورات إعلامية، وقررت بعدها تقديم محتوى يستهدف الشباب، في محاولة لنقل معلومات دقيقة عن الحياة القديمة، مدفوعاً بقناعة أن من ليس له ماضٍ ليس له حاضر».
حرص العوضي على مجالسة كبار المواطنين، لرصد المصطلحات القديمة والعادات التي أصبحت مهددة بالنسيان. ويؤكد أن الإعلام رسالة يجب توظيفها لخدمة الثقافة المحلية. ويشير إلى أن التغيرات اللغوية بين الأجيال، من انتشار الإنجليزية و«العامية الجديدة»، تمثل عوامل تهدد ملامح الهوية الوطنية، وهو ما دفعه للتركيز على حماية المصطلحات المحلية الأصيلة من الاندثار.
الأسلوب والتفاعل: من العفوية إلى الابتكار
يفضل إبراهيم العوضي تقديم المحتوى بلغة عصرية قريبة من روح الشباب، ويبتعد عن الأساليب الجامدة، محاولاً صناعة تجربة تفاعلية تجمع بين سرد القصص والتراث وتوظيف المضمون في أحداث ومناسبات وطنية؛ إذ يوثق الفعاليات الكبرى عبر التصوير التفاعلي مع الحضور، كما يسجل القصص المستقاة من كبار المواطنين ويستكملها من خلال البحث في الكتب التراثية الموثقة، على حد قوله.
الصعوبات والتحديات: واقع مهنة المؤثر التراثي
يشير العوضي إلى أن صناعة المحتوى الثقافي تواجه عدة تحديات، من بينها صعوبة الحصول على الدعم الكافي من المؤسسات المختصة، والصعوبات المرتبطة بالحصول على التصاريح اللازمة للتصوير في الأماكن العامة. كما يلاحظ أن المثابرة على تقديم محتوى تراثي أصيل يتطلب جهداً يومياً مكثفاً قد يؤثر أحياناً على الحياة الأسرية لصانع المحتوى، وهو ما يستوجب، بحسب تعبيره، «الالتزام بالمعرفة والحدود التي يفرضها القانون الإماراتي على المؤثرين الرقميين».
رسالة ورؤية: حماية الهوية والترويج للثقافة المحلية
يؤكد إبراهيم العوضي أن هدفه الأساسي يتمثل في نقل معلومات ذات أصل موثوق حول الموروث الإماراتي. ويرى أن الحفاظ على الهوية الوطنية يبدأ من الالتزام بالزي الإماراتي، واحترام العادات في التصوير، وتجنب إظهار ما يخالف الثقافة المحلية. وفي هذا السياق، يشدد على دور صنّاع المحتوى في تمكين السياح والزوار من التعرف على الهوية الأصلية للدولة، انطلاقاً من رسالة وطنية هادفة تهدف إلى ربط الماضي بالحاضر، وإلهام الأجيال الجديدة.
آليات الحماية والتوثيق: مصادر ومراجع مباشرة
يرتكز مضمون العوضي على مصادر قابلة للتحقق وذات حضور معرفي مؤسس، إذ يستند في توثيقه إلى قصص كبار السن والمراجع التراثية المعتمدة محلياً، ويحرص على نقل كل معلومة بطريقة موثقة يوضح مصدرها داخل البث الرقمي أو عبر التصريحات الإعلامية. كما يلتزم بمعايير دقيقة، ويضع المحاذير القانونية نصب عينيه أثناء إنتاج المقاطع والنصوص الرقمية، ويلتزم بما يفرضه القانون الإماراتي بشأن التصوير واستخدام الرموز والعادات التراثية في الإعلام الاجتماعي.
الحضور على المنصات الاجتماعية والعرف المؤسسي
يتواجد إبراهيم العوضي بشكل فعّال عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستهدفاً فئات الشباب تحديداً، ويقدم محتوى تعليمي وتفاعلي حول التراث والهوية المحلية، كما أنه عضو في لجنة الشباب الإماراتية، ويمارس نشاطه تحت ترخيص رسمي، وهو ما يضفي على تجربته مصداقية عالية في المجال الرقمي التثقيفي، حسب ما هو منصوص عليه في بياناته المنشورة عبر الحسابات الرسمية والمقابلات الإعلامية.