أثارت قضية الملاكمة الجزائرية إيمان خليف جدلاً واسعاً مجدداً بعد أن أكد بوريس فان دير فورست، رئيس الاتحاد العالمي للملاكمة، أنها لن تشارك في بطولة العالم للملاكمة التي انطلقت يوم الخميس 5 سبتمبر 2025 في ليفربول، وذلك بعد رفضها الخضوع لاختبار تحديد النوع كشرط أساسي للمشاركة.
قرار الاتحاد العالمي والاختبارات الإلزامية
في مايو 2025، أعلن الاتحاد العالمي للملاكمة – الذي سيشرف على رياضة الملاكمة في أولمبياد 2028 – عن قرار إلزام جميع الملاكمات فوق سن 18 عاماً بالخضوع لـاختبار تحديد الجنس الجيني (PCR) للتأكد من أهليتهن للمشاركة في المنافسات النسائية. يهدف هذا الاختبار إلى تحديد وجود الكروموسوم الذكري (Y) أو الأنثوي.
وبرر فان دير فورست هذا القرار بقوله: “فرضنا هذه الاختبارات الإلزامية لضمان إقامة منافسات آمنة وتنافسية وعادلة. الملاكمة رياضة قتالية ومن المهم أن تكون المنافسات آمنة وعادلة”.
موقف إيمان خليف القانوني
رفضت إيمان خليف الخضوع لهذا الاختبار ولجأت إلى محكمة التحكيم الرياضي (CAS) في 5 أغسطس 2025 لاستئناف القرار. طالبت في استئنافها بإعلانها مؤهلة للمشاركة في بطولة العالم 2025 دون إجراء الاختبار، لكن المحكمة رفضت في 1 سبتمبر 2025 طلبها بتعليق تنفيذ قرار الاتحاد حتى البت في القضية.
وأوضحت محكمة التحكيم الرياضي أن جلسة الاستماع ستُحدد “بموافقة الطرفين” وقد تستغرق عدة أسابيع، مما يعني عدم إمكانية حل القضية قبل انتهاء البطولة في 14 سبتمبر.
تأثيرات أوسع على الرياضيين
لم تكن إيمان خليف الوحيدة المتضررة من هذا القرار، حيث استُبعدت جميع الملاكمات الفرنسيات من البطولة لأسباب مماثلة. أوضح الاتحاد الفرنسي للملاكمة أن القانون الفرنسي يحظر إجراء اختبارات الخصائص الجينية إلا للأغراض الطبية أو البحث العلمي، معتبراً أن هذا النوع من الاختبارات “يتعارض مع القانون الفرنسي”.
رغم محاولة الاتحاد الفرنسي إجراء الاختبارات في مختبر بـليدز بناءً على توصية الاتحاد العالمي، فإن النتائج تأخرت عن الموعد النهائي المحدد في 21 يوليو، مما أدى لاستبعاد 5 ملاكمات فرنسيات بالإضافة إلى 12 ملاكمة من دول أخرى منها نيجيريا وفيجي والفلبين وجمهورية الدومينيكان.
الجدل المستمر حول الهوية الجنسية
يُذكر أن إيمان خليف فازت بالميدالية الذهبية في أولمبياد باريس 2024 في وزن الوسط للسيدات، لكنها واجهت حملات تنمر شرسة واعتراضات على هويتها الجنسية من شخصيات عالمية بارزة. كان الاتحاد الدولي للملاكمة (IBA) قد استبعدها من بطولة العالم 2023 بعد “فشلها في اجتياز اختبار الأهلية”، لكن اللجنة الأولمبية الدولية سمحت لها بالمشاركة في باريس بعد تجريد الاتحاد الدولي من صلاحياته.
وصفت إيمان هذه الاعتراضات بأنها “مفاهيم خاطئة تمس كرامة الإنسان” ودعت إلى “وضع حد للتنمر على الرياضيين”، مؤكدة أن هناك “أعداء للنجاح” وأن هذه الهجمات تعطي نجاحها “طعماً خاصاً”.
موقف الاتحاد العالمي الجديد
يُعتبر الاتحاد العالمي للملاكمة الهيئة الجديدة التي ستشرف على الرياضة في أولمبياد 2028 بدلاً من الاتحاد الدولي المجرد من الصلاحيات. ورغم اعتراف فان دير فورست بخطئه عندما ذكر اسم إيمان علناً عند الإعلان عن الاختبار الإلزامي، أكد أنه “كان ينبغي احترام خصوصيتها”، إلا أنه دافع عن مبدأ الاختبارات.
وأضاف: “بالنسبة لنا، الجميع متساوون. كل ملاكمة هنا مطالبة بتقديم عدة وثائق، بما في ذلك اختبار تحديد النوع. من السابق لأوانه استخلاص الاستنتاجات، لكن إيمان ببساطة لم تدخل البطولة ممثلة لاتحاد بلادها”.
هذا القرار يفتح النقاش مجدداً حول التوازن بين العدالة في المنافسة وحقوق الرياضيين في الخصوصية والكرامة، خاصة مع تزايد الجدل العالمي حول معايير تحديد الجنس في الرياضات التنافسية.