في 17 يوليو 2025، وقفت أنس جابر، النجمة التونسية البالغة 30 عاماً، عند مفترق طرق لم تتوقعه حتى أقرب الناس إليها. لم تكن رسالتها على وسائل التواصل الاجتماعي مجرد إعلان، بل صرخة إنسانية نادرة من رياضية في ذروة مجدها.
“على مدار العامين الماضيين، كنت أضغط على نفسي للاستمرار، أواجه الإصابات والتحديات، لكنني لم أعد أشعر بالسعادة في الملعب”.
من طفلة تجمع الكرات إلى رائدة عالمية
ولدت أنس في 28 أغسطس 1994 بمدينة قصر هلال الساحلية. بدأت التنس بجوار والدتها، على ملاعب الفنادق. دربها نبيل مليكة لعشر سنوات، ووصفها بموهبة نادرة فكّرت في كرة اليد لكنها اختارت التنس.
في سن الـ13، انتقلت للعاصمة، ثم إلى أوروبا. كانت عائلتها المتوسطة تستثمر كل شيء من أجل حلم ابنتهم.
صانعة التاريخ العربي والأفريقي
في 2011، فازت برولان غاروس للناشئين. ثم حققت إنجازات غير مسبوقة، أبرزها لقب مدريد 2022، وبلوغ نهائيات ويمبلدون (2022 و2023) وأمريكا المفتوحة (2022). وصلت للمركز الثاني عالمياً، كأول عربية وأفريقية في العصر المفتوح تحقق ذلك.
تأثير يتجاوز الملاعب
تحولت أنس إلى ظاهرة في الشارع العربي. تابعها الملايين في المقاهي والمنازل. قالت:
“أحاول إعطاء المثال للفتيات العربيات والأفريقيات. إن استطعت فعل ذلك، فبإمكانهم فعله أيضاً”.
شراكة الحب والتحدي
تزوجت من كريم كمون في 2015، الذي أصبح مدربها البدني. رغم المخاوف، نجحت العلاقة المهنية بفضل التواصل. عبّرت عن رغبتها في التوفيق بين حلم الأمومة واستمرار المنافسة.
الصوت الإنساني وسط الضجيج
كانت من القلائل الذين تحدثوا عن فلسطين، وقالت بصدق:
“ما يحصل في غزة الآن شريط مرعب… وُصفت بالإرهابية بسبب مواقفي، لكني لا أندم.”
حين يخون الجسد الحلم
عانت من إصابات في الكتف والركبة، ونوبات ربو. في ويمبلدون 2025، انسحبت من الدور الأول باكية، وهي تقول:
“أنا حزينة جداً… لم أعد أشعر بالراحة أو الثقة”.
قرار الشجاعة
اختارت أنس الراحة على المجد، وصدقها أذهل الجميع:
“أعتقد أن الوقت قد حان لأخذ خطوة إلى الوراء، لأتنفس وأتعافى وأعيد اكتشاف متعة الحياة”.
إرث لا يُقاس بالأرقام
أنس ليست مجرد لاعبة تنس. هي امرأة ألهمت جيلاً كاملاً. حتى في انكسارها، أعطتنا درساً في الشجاعة: أن تختار ذاتك في عالم يطالبك بالاستمرار مهما كلف الثمن.
قد تعود، وقد لا تعود، لكنها ستبقى “وزيرة السعادة”، الصوت العربي النسائي الذي غيّر وجه التنس العالمي.