شاركت دار الأزياء الإيطالية الراقية شياباريلي في أسبوع الموضة بميلانو بمجموعتها للأزياء الجاهزة لموسم خريف وشتاء 2025 تحت عنوان “Golden Hour” (الساعة الذهبية)، من تصميم المدير الإبداعي الأمريكي دانييل روزبيري، مقدّمة لمسة ساحرة ومضيئة تعكس إرث الدار الفني وجرأة روزبيري المعاصرة على السجادة الحمراء وفي الحياة اليومية للمرأة العصرية.
رحلة من تكساس إلى باريس
سبق أن قدم روزبيري مجموعة خريف/شتاء 2025-2026 للملابس الجاهزة في مارس 2025 تحت اسم “Lone Star” (نجمة الوحدة)، مستوحاة من جذوره في تكساس وتحديداً من الأيقونات المحلية التي درسها منذ طفولته. المجموعة احتفت بالتناقضات التي تجسدها النساء يومياً – القوة والحنان، الهيمنة والنعومة، التقشف والإفراط.
استلهم روزبيري من القطع الكلاسيكية لرعاة البقر مثل الأحذية والأحزمة والمعاطف، لكنه حولها إلى نسخ أنيقة ومرقّقة مصممة للمرأة المعاصرة. هذا التلاعب بين النمطين الذكوري والأنثوي شكّل جوهر المجموعة، حيث تحولت المواد القاسية مثل الجلد المنقوش والنحاس إلى ملامس ناعمة ومرنة.
فلسفة التصميم والهوية النسائية
في ملاحظاته حول المجموعة، أوضح روزبيري فلسفته في التصميم قائلاً: “كمصممين، نقضي الكثير من الوقت في التفكير والحديث مع النساء في حياتنا. كيف يرتدين في حياتهن اليومية؟ ما الذي يجعلهن يشعرن بالتميز والراحة معاً؟ ما الذي يردنه من ملابسهن؟”.
أضاف: “ملاحظاتي ذكرتني أن النساء اللواتي أعرفهن نادراً، إن حدث أصلاً، ما يرتدين من أجل الرجال. عندما يتأنقن، فذلك من أجل نساء أخريات، وإعجاب النساء هو ما يهمهن”. وتابع: “إلسا [شياباريللي] أيضاً لم تكن تعير اهتماماً كبيراً لنظرة الرجال: نعم، تعاونت مع كثير من الفنانين الذكور. لكن رغم أن ملابسها ربما صُنعت معهم، فإنها لم تكن مخصصة للنظر إليها من قبلهم”.
التقنيات والمواد المبتكرة
تميزت المجموعة بتقنيات مبتكرة في التعامل مع الأقمشة والمواد، حيث تم نفخ نقش الريش على الساتان المزدوج وطبعه على مخمل النيوبرين الإسفنجي. الحقائب الجديدة جاءت بأبعاد ملحمية، مثل الحقيبة اليدوية الجانبية المترهلة التي تتسع لحياة المرأة بأكملها أثناء التنقل.
حقيبة “Soufflé” الناعمة جاءت مغطاة بمئات المسامير الذهبية اللامعة، بينما ما يبدو كتنورة عامودية من الجاكار الثقيل هو في الواقع خيط مقطوع خفيف كالهواء من العاج الخالص. بدلة الجسم المخملية المطاطة تبدو مقيدة لكنها تتحرك مثل ملابس الجمباز.
المجوهرات الذهبية المميزة
شهدت المجوهرات الذهبية المميزة للدار تطوراً جديداً، حيث أصبحت أخف وزناً، مع عثور النقوش المفضلة (العيون، الأنوف، ثقوب المفاتيح) على حياة جديدة في أقراط وقلائد الشمعدان المعدنية الذهبية المحكمة النسج.
العودة إلى المستقبل
بالتوازي مع الملابس الجاهزة، قدم روزبيري في يوليو 2025 مجموعة الأزياء الراقية لخريف/شتاء 2025-2026 تحت عنوان “Back to the Future” (العودة إلى المستقبل) في Petit Palais بباريس.
استلهمت هذه المجموعة من لحظة تاريخية محورية عام 1940 عندما غادرت إلسا شياباريللي باريس متوجهة إلى نيويورك، مما مثل نهاية عقد وفترة ثورية في الأزياء. المجموعة صُممت بالكامل بالأسود والأبيض، حيث أراد روزبيري طمس الخط الفاصل بين الماضي والمستقبل.
إرث إلسا شياباريللي المعاصر
يواصل روزبيري، الذي تولى منصب المدير الإبداعي لشياباريللي في 2019، إحياء إرث إلسا شياباريلي التي غيّرت مفهوم الأزياء في القرن العشرين. تعاوناتها الأيقونية مع فنانين مثل دالي وكوكتو ومان راي أصبحت أسطورية وما زالت تلهم صناع الثقافة عبر القارات.
في مقابلة حديثة، وصف روزبيري نفسه قائلاً: “أشعر، غالباً، مثل نسخة معاصرة من إدوارد قص المقص، مزيج من الرقة المؤلمة والحدة كالموس”. هذا الوصف يعكس طبيعة أعماله التي تجمع بين الحساسية الفنية والجرأة في التصميم.
المكانة الحالية للدار
تشهد دار شياباريلي تحت قيادة روزبيري نهضة حقيقية، خاصة في مجال إطلالات السجادة الحمراء، حيث حوّلها من ممر آمن ونبيل إلى ساحة لعب للتصريحات المدهشة والتعبير عن الذات. من دوجا كات في تنورة وكورسيه أحمر مع طلاء أحمر و30 ألف كريستالة على الجسم، إلى ليدي غاغا في فستان رئاسي مقاوم للرصاص، وصولاً إلى كايلي جينر في فستان أوت كوتور مزين برأس أسد واقعي لكنه مزيف تماماً.
المقر التاريخي في 21 Place Vendôme، الذي كان بيت إلسا شياباريلي ومشغلها، خضع لتجديد شامل ليصبح المركز الروحي للعلامة مجدداً، مع أرضيات من خشب الباركيه بلون العسل وجص غريب مطبق على قوالب الطابق الثالث حيث تُعرض مجموعة الملابس الجاهزة.
يعكس عمل روزبيري في شياباريلي التزاماً بالحرفية الاستثنائية والرؤية الفنية، مما جعل الدار تستعيد مكانتها كواحدة من أهم دور الأزياء الراقية في العالم، وأكد أن “الرغبة في الاستثنائي” ما زالت تحرك عشاق الأزياء الراقية.