أصدرت منظمة القلم الأميركي تقريراً معمقاً بعنوان “كل ما ضاع”، يوثق الأثر الكارثي للحرب الأخيرة على قطاع غزة في الثقافة الفلسطينية والهوية الحضارية. استند التقرير إلى توثيق ميداني وروايات شهود عيان، وانتهى إلى أن المشهد الثقافي في غزة قد تعرض لهجوم ممنهج أدى إلى مقتل أكثر من 150 كاتباً، شاعراً، فناناً ومسرحياً وأكاديمياً، وتدمير أو إصابة على الأقل 226 موقعاً ومؤسسة تراثية وثقافية، بينها متاحف، مكتبات، مساجد، مواقع أثرية، دور نشر وجامعات
معالم دمرت ومكتبات أحرقت
رصد التقرير تدمير مواقع ثقافية كبرى: دُمر المسجد العمري الكبير الذي ترجع مكتبته للقرن الثالث عشر، استهدفت مكتبة غزة العامة التي كانت تضم 100 ألف كتاب، ودُمرت مكتبة سمير منصور و8 دور نشر ومطابع وأكثر من 11 مكتبة جامعية وعامة. كما تعرضت الفسيفساء البيزنطية ومتحف القرارة ومسجد وحمام السمرا التاريخي لدمار جزئي أو كامل. وذكر حالات لحرق الكتب ونهب قطع أثرية تعود لآلاف السنين.
تهجير قسري وضياع الثقافة والذاكرة
لم يكن أثر الحرب مقتصراً على البنية المادية، بل أدى إلى تهجير المئات من المثقفين والفنانين قسراً وإجبارهم على مغادرة القطاع أو النزوح داخله، مما تسبب في فقدان آلاف القصص الفردية والعائلية وانقطاع السرد الثقافي الفلسطيني، وهو ما وصفه التقرير بأنه تهديد وجودي يفوق في خطورته تدمير الحجر ذاته.
تجريم دولي ومطالب بمحاسبة المسؤولين
خلص تقرير القلم الأميركي إلى أن تدمير المواقع الثقافية والتراثية يشكل انتهاكًا للقانون الدولي ويتعارض مع اتفاقية لاهاي لعام 1954 واتفاقيات جنيف، ويُدخل أفعال الاحتلال ضمن نطاق جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية. كما دعت المنظمة إلى تحقيق دولي عاجل في وقائع تدمير التراث الثقافي الفلسطيني، مشددة على أهمية حماية الموروث الإنساني ووقف محو ذاكرة المنطقة.
رسالة للعالم
حذرت المنظمة من أن فقدان التراث ليس أزمة فلسطينية فقط بل هو خسارة جماعية للتراث الإنساني لكل الشعوب، ودعت لوقفة عالمية لحماية الثقافة كخط الدفاع الأول عن الهوية والتاريخ في وجه النزاعات والاحتلالات طويلة الأمد.