بعد مرور نصف قرن على رحيله، يعود اسم العندليب الأسمر عبد الحليم حافظ ليتصدر المشهد الثقافي والفني من جديد، مع الإعلان عن فتح أبواب بيته الكائن في حي الزمالك بالقاهرة ليستقبل الزوار والجمهور. البيت الذي ظل مغلقاً لعقود، أصبح اليوم متحفاً يروي مسيرة أحد أهم رموز الغناء العربي في القرن العشرين.
معلم فني وتاريخي
يقع المنزل في شارع كمال الطويل بالزمالك، وهو المكان الذي عاش فيه عبد الحليم سنواته الأخيرة قبل وفاته عام 1977. وقد احتفظت العائلة بمعظم مقتنياته كما هي: أثاثه الشخصي، صوره النادرة، أوراقه الخاصة، تسجيلاته، وأدواته الموسيقية. ويضم البيت الآن قاعات عرض تفاعلية تتيح للزوار الاطلاع على مراحل مختلفة من حياة العندليب، من نشأته في الشرقية مروراً برحلة صعوده إلى قمة الغناء العربي، وحتى محطاته الأخيرة التي شهدت نجاحات خالدة.
تجربة للزوار
المتحف الجديد يتيح للجمهور جولات تعريفية تشمل عرض مقتطفات من حفلاته الغنائية، وأفلامه السينمائية التي صنعت منه أسطورة متكاملة. كما خُصص جناح لعرض رسائل بخط يده ومراسلاته مع كبار الفنانين والسياسيين في مصر والعالم العربي، إلى جانب غرفة تسجيل تحاكي الأستوديو الذي اعتاد الغناء فيه. وتضم الجولة أيضاً قاعة تفاعلية للصور والفيديوهات بتقنية الهولوغرام، تعيد إلى الأذهان أجواء حفلاته التي ما زالت محفورة في ذاكرة الأجيال.
تكريم يليق بالعندليب
افتتاح بيت عبد الحليم حافظ يأتي في إطار توجه وزارة الثقافة المصرية للحفاظ على التراث الفني، وتحويل منازل رموز الإبداع إلى متاحف مفتوحة. وقد صرحت وزيرة الثقافة أن الهدف هو إبقاء إرث العندليب حياً للأجيال القادمة، والتأكيد على أن الفن الأصيل لا يموت بمرور الزمن. وأشارت إلى أن المتحف سيكون أيضاً منصة لإقامة فعاليات موسيقية وندوات عن تاريخ الغناء العربي.
ردود فعل واسعة
الخبر لقي تفاعلاً واسعاً من جمهور عبد الحليم في مصر والعالم العربي، حيث اعتبر كثيرون أن هذه الخطوة طال انتظارها، وأن فتح المنزل يعيد لهم جزءاً من ذكرياتهم مع أغاني مثل جانا الهوى وأهواك ورسالة من تحت الماء. كما عبّر بعض النقاد عن أهمية هذه المبادرة في تعزيز السياحة الثقافية بالقاهرة، وجعل الزمالك مركز جذب لعشاق الموسيقى العربية.
في الذاكرة
يبقى عبد الحليم حافظ رمزاً للحب والحنين بصوته وإحساسه الاستثنائي. واليوم، بعد خمسين عاماً من الغياب، يعود صوته ليصدح من جديد من قلب الزمالك، حيث يتحول بيته إلى محطة تاريخية وفنية تُخلّد مسيرة العندليب وتمنح الجمهور فرصة نادرة للاقتراب أكثر من حياته الخاصة وفنه الخالد.