في إنجاز علمي غير مسبوق، أعلنت الصين عن تطوير أول روبوت بيوني بحجم بعوضة، قادر على تنفيذ مهام استطلاع وتجسس بسرية تامة، ما يمثل نقلة نوعية في عالم الروبوتات متناهية الصغر وتطبيقاتها العسكرية والمدنية. جاء الإعلان عبر التلفزيون المركزي الصيني، حيث استعرض باحثون من جامعة الدفاع الوطني في مقاطعة هونان الروبوت الجديد الذي لا يتجاوز طوله 2 سنتيمتر، ويبلغ طول جناحيه 3 سنتيمترات، بينما لا يتخطى وزنه 0.3 غرام.
ويحاكي الروبوت الجديد في تصميمه شكل البعوضة الحقيقية، إذ يتمتع بجناحين رفيعين وجسم أسود نحيف وثلاثة أرجل دقيقة جداً، كما يمكن التحكم به عبر الهاتف الذكي. وقد زُوّد الروبوت بأنظمة استشعار متطورة وكاميرات ومجسات صوتية، تتيح له التقاط الصور ورصد الأصوات والإشارات الإلكترونية بسرية تامة، ما يجعله مثالياً لمهام الاستطلاع في البيئات المعقدة أو المناطق المحصنة التي يصعب على الطائرات التقليدية الوصول إليها.
ووفق تصريحات رسمية نقلتها قناة “CCTV 7” العسكرية، أكد الباحث ليانغ شيانغ من جامعة الدفاع الوطني أن هذا الروبوت يمثل الجيل القادم من تقنيات الاستطلاع الذكي، ويُتوقع أن يحدث ثورة في أساليب جمع المعلومات على ساحات المعارك، إضافة إلى استخدامات مدنية مثل مراقبة البيئة أو عمليات الإنقاذ في الكوارث الطبيعية. وقد أظهرت التجارب أن الروبوت قادر على التحليق لمدة 25 دقيقة وقطع مسافة تصل إلى كيلومتر واحد في الرحلة الواحدة، بسرعة تبلغ خمسة أمتار في الثانية.
من جهة أخرى، حذر خبراء أمنيون من المخاطر المحتملة لهذه التقنية، إذ يمكن استغلالها في التجسس على الأفراد أو اختراق المنشآت الحساسة، أو حتى نقل مواد خطرة في حال وقعت في الأيدي الخطأ. وتثير هذه التطورات مخاوف من سباق عالمي جديد في مجال الروبوتات المجهرية، خاصة مع إعلان دول أخرى مثل الولايات المتحدة والنرويج عن مشاريع مشابهة في الأبحاث العسكرية.
ويؤكد مطورو الروبوت أن المشروع جاء ثمرة تعاون علمي وعسكري استمر أكثر من خمس سنوات، ونجح في تجاوز تحديات تقنية كبرى تتعلق بتوفير الطاقة، والتحكم في التوازن، ومرونة الهيكل مع الحفاظ على الوزن الخفيف. وتخطط الصين حالياً لتطوير أسراب كاملة من هذه الروبوتات الذكية، بحيث تعمل بتناغم جماعي في تنفيذ المهام المعقدة.
هذا الإنجاز يضع الصين في صدارة سباق الذكاء الاصطناعي البيوني، ويفتح الباب أمام مستقبل تصبح فيه الروبوتات المجهرية جزءاً من الحياة اليومية، سواء في ميادين القتال أو في البيئات المدنية عالية الخطورة.