أعلنت مجموعة كيرينغ الفرنسية، المالكة لعلامة غوتشي التجارية الشهيرة، يوم الثلاثاء 29 يوليو 2025، عن نتائج النصف الأول من العام الحالي والتي جاءت أسوأ من توقعات المحللين. وأشارت الشركة في بيانها الرسمي إلى تراجع حاد في مبيعات غوتشي واستمرار البيئة الاقتصادية والجيوسياسية الصعبة التي تواجه قطاع السلع الفاخرة.
انخفضت إيرادات المجموعة في النصف الأول من العام بنسبة 16% على أساس مُبلّغ عنه، و15% على أساس قابل للمقارنة، لتصل إلى 7.6 مليار يورو مقارنة بـ 9.0 مليار يورو في نفس الفترة من العام الماضي. وجاءت هذه النتائج أقل من توقعات المحللين التي أشارت إلى انخفاض بنسبة 13% فقط حسب توافق آراء المحللين في UBS.
تراجع حاد في أداء غوتشي
شهدت علامة غوتشي، التي تمثل نحو نصف إجمالي إيرادات المجموعة وحوالي ثلثي أرباحها التشغيلية، انخفاضاً حاداً في مبيعاتها. حققت العلامة الإيطالية الشهيرة إيرادات بقيمة 3.0 مليار يورو في النصف الأول، منخفضة بنسبة 26% على أساس مُبلّغ عنه و25% على أساس قابل للمقارنة.
وفي الربع الثاني تحديداً، انخفضت مبيعات غوتشي بنسبة 25% على أساس قابل للمقارنة، حيث بلغت 1.46 مليار يورو. كما تراجعت مبيعات الشبكة التجارية المُشغلة مباشرة بنسبة 23% على أساس قابل للمقارنة، بينما انهارت إيرادات قناة البيع بالجملة بنسبة 50% في الربع الثاني.
ضغوط على الهوامش والربحية
انخفض الدخل التشغيلي المتكرر لمجموعة كيرينغ بنسبة 39% ليصل إلى 969 مليون يورو في النصف الأول مقارنة بـ 1.58 مليار يورو في نفس الفترة من العام السابق. وتراجع هامش التشغيل المتكرر بمقدار 4.7 نقطة أساس ليصل إلى 12.8% بسبب التأثير التشغيلي السلبي الناتج عن انخفاض الإيرادات.
أما بالنسبة لغوتشي تحديداً، فقد انخفض دخلها التشغيلي المتكرر بنسبة 52% ليصل إلى 486 مليون يورو، مع تراجع هامش التشغيل المتكرر بمقدار 8.7 نقطة أساس ليصل إلى 16.0%. وساعدت المبادرات الرئيسية لتبسيط قاعدة التكاليف في غوتشي على احتواء تراجع الهامش جزئياً.
أداء متباين للعلامات الأخرى
حققت علامة إيف سان لوران إيرادات بقيمة 1.3 مليار يورو في النصف الأول، منخفضة بنسبة 11% على أساس مُبلّغ عنه و10% على أساس قابل للمقارنة. وفي الربع الثاني، انخفضت مبيعاتها بنسبة 10% على أساس قابل للمقارنة، مع تراجع مبيعات الشبكة التجارية المُشغلة مباشرة بنسبة 12%.
من جهة أخرى، كانت بوتيغا فينيتا العلامة الوحيدة التي حققت نمواً، حيث ارتفعت إيراداتها بنسبة 1% على أساس مُبلّغ عنه و2% على أساس قابل للمقارنة لتصل إلى 846 مليون يورو. وشهدت العلامة نمواً قوياً جداً في أمريكا الشمالية خلال الربع الثاني.
بينما انخفضت إيرادات مجموعة “العلامات الأخرى” التي تضم بالنسياغا وألكسندر ماكوين وبريوني والعلامات المجوهرات، بنسبة 15% على أساس مُبلّغ عنه و14% على أساس قابل للمقارنة لتصل إلى 1.5 مليار يورو.
تحديات جغرافية وقطاعية
واجهت كيرينغ تحديات في جميع الأسواق الرئيسية، حيث تراجعت مبيعات الشبكة التجارية المُشغلة مباشرة بنسبة 16% على أساس قابل للمقارنة. وشهدت منطقة آسيا والمحيط الهادئ انخفاضاً بنسبة 19%، بينما تراجعت مبيعات أمريكا الشمالية بنسبة 10%.
كما شهدت أوروبا الغربية انخفاضاً بنسبة 17%، فيما كانت اليابان الأكثر تضرراً بانخفاض بنسبة 29%، والذي عزته الشركة بشكل رئيسي إلى التراجع الحاد في السياحة. وانخفضت إيرادات البيع بالجملة وغيرها بنسبة 12% على أساس قابل للمقارنة.
تصريحات الإدارة وخطط التحول
علق رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي فرانسوا هنري بينولت قائلاً: “لقد كان النصف الأول من عام 2025 فترة قرارات مصيرية بالنسبة لكيرينغ”. وأضاف: “على الرغم من أن الأرقام التي نُبلّغ عنها تبقى أقل بكثير من إمكاناتنا، إلا أننا واثقون من أن جهودنا الشاملة على مدى العامين الماضيين أرست أسساً صحية للمراحل التالية في تطوير كيرينغ”.
وأشار بينولت إلى أن الشركة تواصل تطبيق استراتيجيتها “في بيئة اقتصادية وجيوسياسية تبقى غير مؤكدة، بهدف تحقيق مسار نمو مربح على المدى الطويل”.
تعيين رئيس تنفيذي جديد
في خطوة استراتيجية مهمة، أعلنت كيرينغ في يونيو الماضي تعيين لوكا دي ميو، الرئيس التنفيذي السابق لشركة رينو، كرئيس تنفيذي جديد للمجموعة. ومن المقرر أن يتولى دي ميو منصبه في 15 سبتمبر 2025، بعد موافقة المساهمين في اجتماع مقرر في 9 سبتمبر.
وستشهد هذه الخطوة فصل دوري رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي، حيث سيحتفظ بينولت بمنصب رئيس مجلس الإدارة، بينما سيتولى دي ميو دور الرئيس التنفيذي. ويُنظر إلى هذا التعيين كمحاولة لإحياء الشركة وإعادة تنشيط أدائها وسط الصعوبات المستمرة.
الوضع المالي والتدفق النقدي
بلغ صافي الدخل المنسوب للمجموعة 474 مليون يورو في النصف الأول من 2025، منخفضاً بنسبة 46% مقارنة بـ 878 مليون يورو في نفس الفترة من العام السابق. وحققت الشركة تدفقاً نقدياً حراً من العمليات بقيمة 2.4 مليار يورو، شاملاً 1.3 مليار يورو من إتمام المعاملات العقارية.
وانخفضت الديون الصافية للشركة إلى 9.5 مليار يورو في 30 يونيو 2025، مقارنة بـ 10.5 مليار يورو في نهاية العام السابق، وذلك بفضل بيع الأصول العقارية بشكل رئيسي. كما تخطط الشركة لإغلاق ما يصل إلى 80 متجراً صافياً بحلول نهاية عام 2025.
تحديات الرسوم الجمركية الأمريكية
تواجه كيرينغ تحدياً إضافياً يتمثل في الرسوم الجمركية الأمريكية الجديدة، حيث فرضت الولايات المتحدة رسوماً بنسبة 15% على جميع الصادرات الأوروبية، مما يؤثر على السوق الأمريكية التي تمثل أكثر من 20% من مبيعات كيرينغ. وقالت المديرة المالية أرميل بولو إن “تأثير الرسوم الجمركية قابل للإدارة تماماً بالنسبة لنا”.
وأوضحت الشركة أنها نفذت بالفعل زيادات في الأسعار على مستوى العالم، خاصة في الولايات المتحدة، مع احتمالية “جولة أخرى من تعديلات الأسعار في الخريف”.
نظرة مستقبلية وتوقعات
أكدت كيرينغ في بيانها أنها “تكثف المبادرات اللازمة لدعم تطوير ونمو علاماتها التجارية، مع تطبيق الجهود المطلوبة بعزم لزيادة كفاءتها”. وتتطلب هذه الإجراءات “يقظة خاصة فيما يتعلق بالانضباط المالي، المرتبط بالسيطرة على قاعدة تكاليف المجموعة، وانتقائية استثماراتها، وإدارة ميزانيتها العمومية”.
وتشير التوقعات إلى أن تحسن أداء غوتشي سيحتاج إلى وقت، حيث قال المحلل يانمي تانغ من Third Bridge إن “إعادة إحياء غوتشي ستستغرق وقتاً، وتحتاج العلامة إلى مجموعتين أو ثلاث مجموعات على الأقل للاستقرار تحت القيادة الإبداعية الجديدة”.
وتبقى كيرينغ تحت ضغط المستثمرين لإعادة إحياء حظوظها بعد عامين من انخفاض المبيعات، حيث انخفض سعر سهم الشركة بنحو 60% خلال العامين الماضيين، مما جعل من الصعب إعادة التفاوض بشأن ديون الشركة الضخمة التي تتجاوز 10.5 مليار يورو.