الكارديو أم الأوزان: فك الاشتباك في معركة اللياقة البدنية العربية

في عالمنا العربي، من شواطئ الدار البيضاء إلى أبراج دبي، يزداد الوعي بأسلوب الحياة الصحي، ويتردد سؤال محوري بين محبي اللياقة: الكارديو أم الأوزان؟ هذا السؤال لا يمثل مجرد اختيار بين نمطين من التمارين، بل يعكس رغبة حقيقية في فهم احتياجات أجسامنا وتحقيق أهداف صحية متنوعة. من خسارة الوزن ونحت القوام، إلى تعزيز صحة القلب…

فريق التحرير
فريق التحرير
الكارديو أم الأوزان

ملخص المقال

إنتاج AI

يتناول المقال بالعربية سؤالًا شائعًا في عالم اللياقة البدنية: الكارديو أم الأوزان؟ ويحلل الفوائد الصحية لكل منهما، من خسارة الوزن إلى تعزيز صحة القلب وتحسين المزاج، مع التركيز على أهمية التوازن بينهما لتحقيق أهداف صحية شاملة في العالم العربي.

النقاط الأساسية

  • يشدد المقال على أهمية التوازن بين تمارين الكارديو والأوزان لتحقيق أهداف صحية شاملة.
  • يوضح المقال فوائد الكارديو في تحسين صحة القلب وحرق السعرات الحرارية.
  • يبرز المقال دور تمارين القوة في بناء العضلات وتعزيز الأيض وتقوية العظام.

في عالمنا العربي، من شواطئ الدار البيضاء إلى أبراج دبي، يزداد الوعي بأسلوب الحياة الصحي، ويتردد سؤال محوري بين محبي اللياقة: الكارديو أم الأوزان؟ هذا السؤال لا يمثل مجرد اختيار بين نمطين من التمارين، بل يعكس رغبة حقيقية في فهم احتياجات أجسامنا وتحقيق أهداف صحية متنوعة. من خسارة الوزن ونحت القوام، إلى تعزيز صحة القلب والوقاية من أمراض العصر، تتعدد الدوافع وتتشعب التحديات. الاهتمام المتزايد باللياقة ليس مجرد موضة، بل تعبير عن طموح لتحسين جودة الحياة في بيئة مليئة بالضغوط. هذا المقال لا يقدم وعودًا سطحية أو حلولًا سريعة، بل يستند إلى علم وتجربة لتحليل الخيارات المتاحة. فبين نبض القلب في الكارديو وصلابة الحديد في الأوزان، نبحث معًا عن التمرين الأنسب لك.

تشريح المتنافسين: نظرة معمقة على تمارين الكارديو أم الأوزان

لكل بطل في الحلبة أسلحته وخصائصه التي تميزه. وقبل أن نحكم على نتيجة أي مواجهة، لا بد من الدخول إلى معسكر كل من الكارديو وتمارين القوة، لنفحص عن كثب ما يقدمانه من فوائد، وما هي طبيعة كل منهما.

أولاً: الكارديو – سيمفونية القلب وقائد الأوركسترا البدنية

تمارين الكارديو، أو التمارين الهوائية كما يسميها البعض، هي تلك الأنشطة التي تجعل قلبك ينبض بإيقاع أسرع، وتدفع رئتيك للعمل بجد أكبر، محولة جسمك إلى محرك فعال لحرق الطاقة. إنها، في جوهرها، تمارين منزلية “تحمل” تعزز قدرة الجسم على الاستمرار في أداء مجهود بدني لفترة طويلة. 

الفوائد الموثقة علمياً:

Advertisement

تزخر الدراسات والأبحاث بالفوائد الجمة التي تقدمها تمارين الكارديو، والتي تتجاوز مجرد اللياقة الظاهرية لتصل إلى عمق الصحة الجسدية والنفسية:

  • صحة القلب والأوعية الدموية: تعتبر تمارين الكارديو للنساء خط الدفاع الأول عن صحة قلبك. فهي تعمل على تقوية عضلة القلب، وتحسين كفاءة الدورة الدموية، والمساهمة في خفض ضغط الدم المرتفع، وتقليل مستويات الكوليسترول الضار، وبالتالي تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية التي تعد من أبرز التحديات الصحية في العصر الحديث.  توصيات مؤسسات صحية عالمية مثل جمعية القلب الأمريكية ومايو كلينك تؤكد على هذا الدور المحوري. 
  • حرق السعرات الحرارية (أثناء التمرين): توصف الكارديو بأنها “آلة حرق وقود فورية”. تتميز بفعالية عالية في حرق السعرات الحرارية خلال جلسة التمرين نفسها، مما يجعلها أداة قوية للمساهمة في إدارة الوزن وخلق عجز السعرات الحرارية اللازم لفقدانه.  على سبيل المثال، يمكن لجلسة جري لمدة 30 دقيقة أن تحرق ما بين 250 إلى 500 سعر حراري، حسب شدة التمرين ووزن الشخص. 
  • زيادة القدرة على التحمل: تمارين الكارديو تمكنك من خوض “ماراثون الحياة اليومية” بكفاءة أكبر. فهي تحسن قدرة الجسم على أداء الأنشطة اليومية والرياضية لفترات أطول دون الشعور بالإرهاق السريع، مما ينعكس إيجاباً على الإنتاجية ونوعية الحياة. 
  • تحسين المزاج والصحة النفسية: تعمل هذه التمارين كـ”جرعة طبيعية من السعادة”. فهي تحفز إفراز الإندورفينات، وهي مواد كيميائية طبيعية في الدماغ تعمل على تحسين المزاج وتقليل الشعور بالتوتر والقلق، بل ومحاربة أعراض الاكتئاب. 
  • تعزيز الجهاز المناعي: يمكن اعتبار الكارديو “درع وقاية طبيعي”. فالنشاط البدني المنتظم، بما في ذلك الكارديو، يحسن الدورة الدموية، مما يساعد في نقل الخلايا المناعية والمواد المغذية والأكسجين إلى جميع أنحاء الجسم بكفاءة أكبر، وبالتالي تقوية قدرة الجسم على درء الأمراض. 

أشهر أنواع الكارديو في العالم العربي:

تتنوع أشكال تمارين الكارديو لتناسب مختلف الأذواق ومستويات اللياقة، ومن أبرزها شيوعاً في المنطقة:

  • المشي السريع: “رفيق الدرب للجميع”، فهو بسيط، آمن، ويمكن ممارسته في أي مكان وزمان. 
  • الجري والهرولة: “الكلاسيكية التي لا تموت”، وهي من أكثر التمارين فعالية لحرق السعرات وتحسين اللياقة القلبية التنفسية. 
  • ركوب الدراجات (الهوائية والثابتة): يجمع بين “متعة الحركة وقوة التحمل”، وهو خيار ممتاز لتقوية عضلات الساقين وصحة القلب. 
  • السباحة: توصف بأنها “تمرين شامل ولطيف على المفاصل”، حيث تعمل على تحريك معظم عضلات الجسم بأقل ضغط على المفاصل. 
  • التمارين الهوائية الجماعية (الأيروبكس، الزومبا): تجذب الكثيرين بفضل “طاقة الجماعة ومتعة الإيقاع”، مما يجعل التمرين تجربة اجتماعية محفزة.
  • نط الحبل: “بساطة الماضي بفوائد الحاضر”، وهو تمرين فعال لتحسين التناسق وحرق السعرات 

ثانياً: تمارين القوة (الأوزان) – مهندس العضلات وحارق السعرات الصامت

Advertisement

إذا كان الكارديو هو العدّاء السريع في فريق اللياقة البدنية، فإن تمارين القوة هي لاعب رفع الأثقال، النحات الذي يشكل الجسم ويمنحه القوة والمرونة لمواجهة تحديات الحياة اليومية والرياضية.  من المهم التأكيد على أن تمارين القوة لا تقتصر على هدف “تضخيم” العضلات كما يعتقد البعض، بل تشمل أي تمرين يقاوم فيه الجسم قوة خارجية، سواء كانت هذه القوة متمثلة في الأوزان الحرة (الدمبل والبار)، أو أجهزة الأوزان المتخصصة، أو حتى وزن الجسم نفسه، أو أحبال المقاومة المرنة. 

الفوائد الموثقة علمياً:

تقدم تمارين القوة مجموعة من الفوائد العميقة التي تمس مختلف جوانب الصحة، وغالباً ما تكون تأثيراتها طويلة الأمد ومستدامة:

  • بناء والحفاظ على الكتلة العضلية: تعتبر تمارين القوة “أساس القوة ومحرك الأيض”. فهي تعمل على زيادة حجم وقوة العضلات، وهو أمر حيوي بشكل خاص مع التقدم في العمر لمواجهة الفقدان الطبيعي التدريجي للكتلة العضلية (المعروف باسم ساركوبينيا). الحفاظ على العضلات لا يعني فقط مظهراً أفضل، بل قدرة وظيفية أكبر.
  • زيادة معدل الأيض الأساسي (BMR): هذا هو “الحليف الخفي لخسارة الوزن”. العضلات هي أنسجة نشطة أيضياً، أي أنها تحرق سعرات حرارية أكثر من الدهون حتى في أوقات الراحة. وبالتالي، كلما زادت كتلتك العضلية، زاد معدل حرق السعرات الحرارية في جسمك على مدار اليوم، مما يسهل التحكم في الوزن على المدى الطويل ويجعل الحفاظ على الوزن المفقود أكثر يسراً. 
  •  هذه الخاصية تجعل تمارين القوة استثماراً طويل الأمد في رحلة إدارة الوزن، وهو ما قد لا يدركه الكثيرون الذين يركزون فقط على السعرات المحروقة أثناء التمرين.
  • تقوية العظام وزيادة كثافتها: تعمل تمارين القوة كـ”درع واقٍ ضد الهشاشة”. فالضغط الذي تحدثه هذه التمارين على العظام يحفز عملية بناء العظم ويزيد من كثافته، مما يقلل بشكل كبير من خطر الإصابة بهشاشة العظام، خاصة لدى النساء بعد سن اليأس وكبار السن بشكل عام. 
  • تحسين تكوين الجسم: تساهم تمارين القوة في “نحت القوام المثالي”. فبدلاً من التركيز على مجرد خفض الرقم على الميزان، تعمل هذه التمارين على تغيير نسب الدهون والعضلات في الجسم، مما يؤدي إلى مظهر أكثر تناسقاً ومشدوداً، حتى لو لم يتغير الوزن الكلي بشكل كبير. 
  • السيطرة على الأمراض المزمنة: تعد تمارين القوة “سلاحاً فعالاً ضد أمراض العصر”. فقد أظهرت الأبحاث دورها في المساعدة على إدارة العديد من الحالات المزمنة، مثل السكري من النوع الثاني (عبر تحسين حساسية الأنسولين)، والتهاب المفاصل (عبر تقوية العضلات الداعمة للمفاصل)، وآلام الظهر، وحتى بعض أمراض القلب.
  • تحسين جودة الحياة والقدرات الوظيفية: هذه التمارين تمنحك “قوة لمواجهة الحياة”. فهي تسهل أداء المهام اليومية مثل حمل الأغراض، صعود السلالم، أو النهوض من الكرسي. كما تحسن التوازن والتنسيق، مما يقلل من خطر السقوط، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على الاستقلالية خاصة مع التقدم في العمر. 
  • صقل مهارات التفكير (لدى كبار السن): تشير بعض الأبحاث إلى أن تمارين القوة، خاصة عند دمجها مع التمارين الهوائية، قد تساعد في تحسين وظائف الإدراك والتعلم لدى كبار السن، مما يجعلها “غذاء للعقل كما هي للجسم.”

أشهر أساليب تمارين القوة:

يتساءل الكثير عن أيهما أفضل الكارديو أم الأوزان فتتعدد الطرق التي يمكن من خلالها ممارسة تمارين القوة وتختلف عن الكارديو، مما يتيح خيارات تناسب الجميع:

Advertisement
  • الأوزان الحرة (الدمبل، الباربل): توفر “حرية الحركة، وتحدي التوازن”، حيث تتطلب تجنيد عضلات مثبتة إضافية للحفاظ على التحكم. 
  • أجهزة الأوزان: تقدم “دعماً وتوجيهاً لاستهداف دقيق” لمجموعات عضلية معينة، وغالباً ما تكون خياراً جيداً للمبتدئين أو لمن يبحثون عن عزل عضلة معينة.
  • تمارين وزن الجسم (الضغط، القرفصاء، العقلة): شعارها “قوتك الذاتية هي أداتك”، وهي فعالة ويمكن ممارستها في أي مكان تقريباً دون الحاجة لمعدات.
  • أحبال المقاومة: تجمع بين “المرونة والتحدي في آن واحد”، وهي خفيفة الوزن، محمولة، وتوفر مقاومة متزايدة خلال نطاق الحركة. 

إن الفهم الدقيق لهذه الفوائد المتنوعة لكل من الكارديو والقوة يمهد الطريق نحو اتخاذ قرارات أكثر استنارة. فكلاهما يقدم مساهمات قيمة، ولكن بطرق مختلفة. ومن الجدير بالذكر أن كلا النوعين من التمارين لهما فوائد نفسية وذهنية لا تقل أهمية عن الفوائد الجسدية، حيث تساهم تمارين الكارديو في تحسين المزاج بشكل مباشر عبر إفراز الإندورفين ، بينما تشير الدراسات إلى أن التمارين الهوائية والمختلطة (التي تجمع بين الهوائي والقوة) ترتبط بمستويات أقل من الاكتئاب والقلق وبتحسن في تصور الصحة الذاتية. هذا التأثير الشامل على العقل والجسد يجعل من النشاط البدني ركيزة أساسية لنمط حياة صحي ومتوازن.

المواجهة الحاسمة: الكارديو مقابل القوة لأبرز الأهداف الصحية

بعد أن تعرفنا على كل منافس عن كثب، وفهمنا طبيعة أسلحته وخصائصه، حان وقت المواجهة المباشرة في ساحات الأهداف الصحية الأكثر شيوعاً بين الناس. من سيتفوق الكارديو أم الأوزان؟ ومتى يكون التعاون والتكامل هو الاستراتيجية الأمثل لتحقيق النصر؟

أولاً: حلبة خسارة الوزن ونحت الجسم – من يحسم النزال؟

تعتبر خسارة الوزن الزائد والحصول على جسم متناسق من أكثر الأهداف التي تدفع الناس لدخول عالم اللياقة البدنية. فكيف يساهم كل من الكارديو وتمارين القوة في هذه المعركة؟

Advertisement

الكارديو: الحرق الفوري للسعرات:
تتميز تمارين الكارديو بقدرتها على رفع يدك سريعاً في جولة حرق السعرات اللحظية. فهي تستهلك كمية كبيرة من الطاقة أثناء ممارستها، مما يساعد في خلق عجز فوري في السعرات الحرارية، وهو الشرط الأساسي لفقدان الوزن. دراسة أجراها شرودر وزملاؤه عام 2019 ونشرت في PubMed Central أظهرت أن مجموعة التمارين الهوائية (الكارديو) وحدها تمكنت من تحقيق انخفاض ملحوظ في وزن الجسم الإجمالي بمقدار 1.0 كجم وفي كتلة الدهون بمقدار 0.9 كجم خلال فترة 8 أسابيع. 

تمارين القوة: الاستثمار طويل الأمد في الأيض:

إذا كان الكارديو هو البطل في الحرق اللحظي، فإن تمارين القوة تبني مصنعاً لحرق السعرات يعمل على مدار الساعة.  فبناء العضلات من خلال تمارين القوة يزيد من معدل الأيض الأساسي (BMR)، وهو عدد السعرات الحرارية التي يحرقها الجسم في وقت الراحة للحفاظ على وظائفه الحيوية. العضلات أنسجة نشطة أيضياً، وكلما زادت كتلتها، زاد حرق الجسم للسعرات حتى وأنت لا تفعل شيئاً.

 الدراسة المذكورة سابقاً (شرودر وآخرون، 2019) وجدت أن مجموعة تمارين المقاومة وحدها أدت إلى زيادة قوة الجزء السفلي من الجسم وتقليل محيط الخصر، وهو مؤشر على تغير إيجابي في تكوين الجسم.  كما أن مراجعة شاملة لـ 12 مراجعة منهجية و 149 دراسة أشارت إلى أن تمارين المقاومة تقلل من فقدان الكتلة العضلية الصافية أثناء عملية إنقاص الوزن، وهو أمر بالغ الأهمية للحفاظ على معدل الأيض مرتفعاً. 

التأثير على تكوين الجسم (Body Composition):

من المهم عدم التركيز على رقم الميزان فقط. فالهدف الحقيقي للكثيرين هو تحسين شكل الجسم، أي زيادة نسبة العضلات وتقليل نسبة الدهون. تمارين القوة تلعب دوراً محورياً هنا، حيث تساعد في بناء ونحت العضلات، مما يمنح الجسم مظهراً مشدوداً ومتناسقاً ويمنع الترهلات التي قد تصاحب خسارة الوزن المعتمدة على الكارديو فقط.
 يمكن القول بأن الكارديو قد يمنحك خسارة وزن أسرع في البداية بسبب الحرق المباشر للسعرات. لكن تمارين القوة تضمن استدامة هذه الخسارة على المدى الطويل من خلال رفع معدل الأيض، كما أنها العنصر الأساسي في تحسين شكل الجسم.
 والأهم من ذلك، تشير غالبية الدراسات إلى أن الجمع بينهما هو الأكثر فعالية. دراسة شرودر وآخرين (2019) خلصت إلى أن التدريب المدمج (كارديو وقوة معاً) قدم فوائد شاملة أكبر لصحة القلب والأوعية الدموية، بما في ذلك زيادة الكتلة العضلية الصافية (بمقدار 0.8 كجم)، مقارنة بأي من النوعين بمفرده. كما أن المراجعة الشاملة المذكورة آنفاً أشارت إلى أن الجمع بين التمارين الهوائية وتمارين المقاومة يمكن أن يؤدي إلى خسارة أكبر في الوزن والدهون مقارنة بتمارين المقاومة وحدها.

Advertisement
العاملالكارديوتمارين القوةالنهج المتكامل (الجمع بينهما)
حرق السعرات أثناء التمرينمرتفع جداًمتوسط (يزداد مع زيادة الكتلة العضلية والشدة)مرتفع جداً (يجمع بين حرق الكارديو وزيادة استهلاك الطاقة من القوة)
زيادة الأيض الأساسي (BMR)تأثير طفيف أو معدومتأثير كبير (بناء العضلات يزيد الحرق على مدار الساعة) 1تأثير كبير جداً (يستفيد من زيادة العضلات مع الحفاظ على نشاط أيضي مرتفع)
الحفاظ على الكتلة العضلية أثناء التنحيفقد يؤدي إلى فقدان بعض العضلات إذا كان العجز كبيراً ولم تصاحبه قوةيساعد بشكل كبير في الحفاظ على العضلات أو حتى زيادتها 30الخيار الأمثل للحفاظ على العضلات وزيادتها مع خسارة الدهون
التأثير على شكل الجسم (نحت القوام)محدود (يساعد في تقليل الحجم الكلي)كبير جداً (يبني ويشكل العضلات، يمنح مظهراً مشدوداً) 31مثالي (يقلل الدهون ويكشف عن العضلات المشدودة والمشكلة)
سرعة النتائج الأولية (خسارة الوزن)قد تكون أسرع في البداية بسبب حرق السعرات المباشر 1قد تكون أبطأ قليلاً في البداية من حيث رقم الميزان، لكنها فعالة لتغيير التكوينفعالة جداً على المديين القصير والطويل، مع تحسن ملحوظ في الشكل والقوة

ثانياً: شريان الحياة – دور كل منهما في صحة القلب والأوعية الدموية

صحة القلب هي حجر الزاوية في الصحة العامة. فكيف يساهم كل من الكارديو والقوة في الحفاظ على هذا العضو النبيل؟

الكارديو: البطل التقليدي لصحة القلب:
لطالما ارتبطت تمارين الكارديو ارتباطاً وثيقاً بصحة القلب. فهي تعمل على تعزيز وظائف القلب والرئتين، وتحسين قدرة القلب على ضخ الدم بكفاءة، وتوسيع الأوعية الدموية، مما يساهم في خفض ضغط الدم المرتفع وتقليل مستويات الكوليسترول الضار (LDL) وزيادة الكوليسترول الجيد (HDL). 1

تمارين القوة: الحليف الذي لا يُستهان به:

قد يفاجأ الكثيرون عندما يعلمون أن تمارين القوة ليست فقط لبناء العضلات، بل هي أيضاً دواء قوي لقلبك. بيان علمي حديث صادر عن جمعية القلب الأمريكية (AHA) في عام 2023 أكد أن تمارين المقاومة (القوة) فعالة بنفس قدر التمارين الهوائية (الكارديو) في تقليل عوامل الخطر المرتبطة بأمراض القلب والأوعية الدموية. 

هذا تحول كبير في الفهم التقليدي. تمارين القوة تساهم في تحسين عوامل مهمة لصحة القلب مثل ضغط الدم، وتكوين الجسم (حيث أن زيادة الدهون، خاصة الحشوية، تزيد من خطر أمراض القلب)، وتحسين حساسية الأنسولين، وتقليل الالتهابات. 

Advertisement

قوة التآزر (Synergy):
الأمر لا يتوقف عند فوائد كل نوع بمفرده. تشير جمعية القلب الأمريكية (AHA) في بيانها المذكور إلى أن الجمع بين تمارين المقاومة والتمارين الهوائية يوفر حماية من أمراض القلب والأوعية الدموية أكبر إحصائياً من ممارسة أي منهما بمفرده.

 دراسة شرودر وآخرين (2019) تدعم هذا بقوة، حيث وجدت أن مجموعة التدريب المدمج كانت الوحيدة التي أظهرت انخفاضاً كبيراً في كل من ضغط الدم الانبساطي المحيطي والمركزي، بينما لم يُظهر أي من التدريبين (الهوائي فقط أو المقاومة فقط) انخفاضاً ذا دلالة إحصائية في ضغط الدم. هذا يعني أن التأثير ليس مجرد جمع لفوائد منفصلة، بل هو تفاعل يعزز بعضه بعضاً؛ فتمارين القوة تحسن عوامل (مثل تكوين الجسم وحساسية الأنسولين) تفيد صحة القلب بشكل غير مباشر، بينما الكارديو يهيئ القلب مباشرة، مما يخلق تأثيراً وقائياً أكثر قوة وشمولية. عندما يتعاون البطلان، تكون النتائج مذهلة حقاً.

ثالثاً: حصن العقل – التأثير على الصحة النفسية والمزاج

لا تقتصر فوائد التمارين على الجسد، بل تمتد لتشمل العقل والروح.

الكارديو وتأثيره المباشر:

تشتهر تمارين الكارديو بقدرتها على إطلاق الإندورفينات، وهي ناقلات عصبية تعرف بـ”هرمونات السعادة”، مما يؤدي إلى تحسن فوري في المزاج وتقليل الشعور بالتوتر والقلق. دراسة أجراها لي وزملاؤه عام 2022 ونشرت في PubMed وجدت أن الأفراد الذين يمارسون التمارين الهوائية بانتظام أظهروا مستويات أقل من الاكتئاب والقلق. 

Advertisement

تمارين القوة ودورها المتنامي:

 لم تعد تمارين القوة مجرد تمارين جسدية. دراسة أجراها ليبوثيليير وزملاؤه عام 2017 ونشرت في PubMed وجدت أن تمارين المقاومة يمكن أن تحسن الأعراض الخاصة باضطرابات القلق، وتعزز حساسية القلق (الخوف من أعراض القلق)، وتزيد من القدرة على تحمل الضيق. بالإضافة إلى ذلك، فإن الشعور بالإنجاز الناتج عن زيادة القوة البدنية والتغلب على التحديات في صالة الألعاب الرياضية يمكن أن ينعكس إيجاباً على الثقة بالنفس والصورة الذاتية، وهي عوامل مهمة للصحة النفسية.

النهج الشامل للصحة النفسية:

 يبدو أن التنوع هنا أيضاً هو مفتاح الفائدة الأكبر. الدراسة التي أجراها لي وزملاؤه (2022) أشارت أيضاً إلى أن الأفراد الذين يمارسون مزيجاً من تمارين القوة والتمارين الهوائية يتمتعون بأفضل مستويات من تصور الصحة الذاتية. ربما يكمن مفتاح السعادة الحقيقية والرفاه النفسي في هذا التوازن، حيث يكمل كل نوع من التمارين الآخر ليقدما دعماً شاملاً للعقل.

رابعاً: التوازن الهرموني – كواليس المعركة داخل الجسم

بعيداً عن الأنظار، تدور في أجسامنا معارك هرمونية دقيقة تؤثر على كل شيء من طاقتنا إلى مزاجنا وقدرتنا على بناء العضلات وحرق الدهون. كيف يتدخل الكارديو أم الأوزان في هذه الدراما الداخلية المعقدة؟

Advertisement

هرمون التستوستيرون (هرمون الذكورة والنمو العضلي):

تمارين القوة، وخصوصاً الحركات المركبة التي تشغل مجموعات عضلية كبيرة وباستخدام أوزان ثقيلة نسبياً، معروفة بقدرتها على تحفيز زيادة مستويات هرمون التستوستيرون لدى كل من الرجال والنساء (وإن كانت الزيادة لدى النساء أقل بكثير نظراً للاختلافات الفسيولوجية).

التستوستيرون ضروري لنمو وإصلاح الأنسجة العضلية. “القوة تستدعي القوة الهرمونية.” في المقابل، تشير بعض الأدبيات إلى أن تمارين التحمل عالية الحجم (أي الكارديو لفترات طويلة جداً وبشكل متكرر) قد يكون لها تأثير معاكس، حيث يمكن أن تقلل من مستويات التستوستيرون. 

هرمون النمو (HGH):

هذا الهرمون، الذي يلعب دوراً حاسماً في نمو الخلايا وإصلاحها وفي عملية الأيض، يتم تحفيزه بشكل كبير بواسطة تمارين القوة عالية الكثافة وكذلك التمارين القلبية التنفسية عالية الكثافة (المعروفة بـ HIIT). “كلا النوعين من التمارين الشديدة يمكن أن يوقظا عملاق النمو النائم.”

الأنسولين (منظم سكر الدم):

Advertisement

كلا النوعين من التمارين، الكارديو والقوة، يساهمان في تحسين حساسية الأنسولين، مما يعني أن الجسم يصبح أكثر كفاءة في استخدام الأنسولين لنقل الجلوكوز (السكر) من الدم إلى الخلايا لاستخدامه كطاقة. تلعب تمارين القوة دوراً حاسماً بشكل خاص هنا، حيث أن زيادة الكتلة العضلية توفر المزيد من “المخازن” للجلوكوز، كما أن العضلات النشطة تزيد من امتصاصها للجلوكوز. “العضلات القوية هي إسفنجة فعالة لسكر الدم.”

الكورتيزول (هرمون التوتر):

الكورتيزول ضروري للاستجابة للتوتر وتوفير الطاقة، ولكن ارتفاع مستوياته بشكل مزمن يمكن أن يكون ضاراً. تمارين القوة المعتدلة الشدة يمكن أن تساعد في تنظيم مستويات الكورتيزول والحفاظ عليها ضمن النطاق الصحي. 

ومع ذلك، فإن الإفراط في التمرين، سواء كان كارديو طويل المدة وعالي الشدة بشكل مفرط، أو تمارين قوة مجهدة بشكل مبالغ فيه دون راحة كافية، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع مستويات الكورتيزول بشكل مزمن، مما قد يعيق عملية التعافي ونمو العضلات ويزيد من تخزين الدهون. “الاعتدال هو سر السيطرة على قائد الأوركسترا العصبي.”

يتضح من هذا التحليل الهرموني أن الأمر يتعلق بلعبة شد وجذب معقدة. فبينما تعتبر تمارين القوة بشكل عام إيجابية للهرمونات البنائية مثل التستوستيرون وهرمون النمو، فإن الإفراط في أي نوع من التمارين، أو اختيار النوع الخاطئ من التمرين لتحقيق هدف معين (مثل ممارسة تمارين التحمل بكميات كبيرة جداً عند محاولة زيادة التستوستيرون إلى أقصى حد)، يمكن أن يأتي بنتائج عكسية عن طريق رفع الكورتيزول أو تثبيط التستوستيرون.  الفهم الدقيق لهذه التوازنات هو مفتاح تصميم برنامج تدريبي يحقق أقصى فائدة هرمونية وجسدية.

 تفنيد الخرافات: حقائق اللياقة البدنية في مواجهة المعتقدات الشائعة عربياً

Advertisement

في سوق الأفكار الصحية، تنتشر الشائعات والخرافات كانتشار النار في الهشيم. ومع تزايد الاهتمام باللياقة البدنية في عالمنا العربي، يزداد أيضاً تداول المعلومات المغلوطة التي قد تعيق التقدم أو تؤدي إلى ممارسات غير فعالة. حان الوقت لتسليط ضوء العلم والحقيقة على بعض أكثر هذه المعتقدات رسوخاً، متبعين في ذلك نهجاً يتسم بالجرأة في الطرح والإنصاف في الحكم.

الخرافة الأولى: “تمارين القوة تجعل النساء ضخمات ومتكتلات العضلات.”

الحقيقة: هذا الادعاء هو أحد أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعاً، وللأسف، لا يزال يمنع الكثير من النساء من جني الفوائد العظيمة لتمارين القوة. الحقيقة الفسيولوجية هي أن النساء لديهن مستويات أقل بكثير من هرمون التستوستيرون – الهرمون الرئيسي المسؤول عن بناء كتلة عضلية كبيرة – مقارنة بالرجال. 

هذا الاختلاف الهرموني يجعل اكتساب كتلة عضلية ضخمة (بالمعنى الذي يتصوره البعض) أمراً صعباً للغاية لمعظم النساء، ويتطلب عادةً برامج تدريبية مكثفة جداً وأنظمة غذائية محددة، وأحياناً تدخلات أخرى.  بدلاً من “التضخيم” غير المرغوب فيه، تساعد تمارين القوة النساء على تحقيق جسم مشدود ومتناسق، وتقليل نسبة الدهون في الجسم، وزيادة القوة الوظيفية، وتحسين كثافة العظام.  إن القوة للمرأة تعني تناسقاً ورشاقة وثقة، لا ضخامة.

الخرافة الثانية: “تمارين البطن (الكرنشات) وحدها كفيلة بإزالة الكرش (دهون البطن).”

الحقيقة: وهم “حرق الدهون الموضعي” (Spot Reduction) هو خرافة أخرى راسخة. لا يمكن لجسم الإنسان أن يستهدف حرق الدهون في منطقة معينة (مثل البطن) من خلال تمرين عضلات تلك المنطقة فقط. 

Advertisement

 تمارين البطن، مثل الكرنشات والبلانك، تعمل على تقوية وتحديد عضلات البطن، وهذا أمر جيد. ولكن هذه العضلات ستبقى مخفية تحت طبقة من الدهون إذا لم يتم التعامل مع دهون الجسم بشكل عام. إزالة “الكرش” تتطلب مقاربة شاملة تتضمن نظاماً غذائياً متوازناً يخلق عجزاً في السعرات الحرارية، بالإضافة إلى تمارين تحرق الدهون في الجسم كله (مثل تمارين الكارديو وتمارين القوة التي تشمل مجموعات عضلية كبيرة). 

 يمكن القول مجازاً: “عضلات البطن تُبنى في صالة الألعاب الرياضية، ولكنها تُكشف في المطبخ.”

الخرافة الثالثة: “الكارديو هو كل ما تحتاجه للبقاء في صحة جيدة وخسارة الوزن.”

الحقيقة: لا شك أن تمارين الكارديو مهمة جداً لصحة القلب وحرق السعرات الحرارية. ولكن اعتبارها الحل الوحيد أو الكافي هو تبسيط مخل. إهمال تمارين القوة يعني التخلي عن مجموعة واسعة من الفوائد الحاسمة التي لا يوفرها الكارديو بنفس القدر، مثل بناء والحفاظ على الكتلة العضلية (وهو أمر حيوي للحفاظ على معدل أيض مرتفع)، وتقوية العظام بشكل كبير، وتحسين تكوين الجسم (نسبة العضل إلى الدهون)، وزيادة القوة الوظيفية. 

 كما رأينا سابقاً، فإن الجمع بين الكارديو والقوة يوفر فوائد أكبر بكثير للصحة العامة، بما في ذلك صحة القلب والتحكم في الوزن، مقارنة بممارسة أي منهما بمفرده.  “الاكتفاء بالكارديو يشبه بناء منزل جميل وجذاب من الخارج، ولكنه يفتقر إلى أساس قوي ومتين يمكنه الصمود أمام تحديات الزمن.”

الخرافة الرابعة: “العضلات تتحول إلى دهون إذا توقفت عن ممارسة الرياضة (والعكس صحيح).”

Advertisement

الحقيقة: هذا اعتقاد خاطئ تماماً من الناحية البيولوجية. العضلات والدهون هما نوعان مختلفان تماماً من الأنسجة في جسم الإنسان، ولكل منهما تركيب ووظيفة مختلفة. لا يمكن لأحدهما أن يتحول مباشرة إلى الآخر، تماماً كما لا يمكن للخشب أن يتحول إلى حديد. 

 ما يحدث في الواقع هو أنه عند التوقف عن ممارسة التمارين الرياضية، خاصة تمارين القوة التي تحافظ على الكتلة العضلية، ومع الاستمرار في استهلاك نفس كمية السعرات الحرارية أو أكثر، قد يبدأ الجسم في فقدان بعض من كتلته العضلية (بسبب عدم الاستخدام) وفي نفس الوقت قد يكتسب دهوناً (بسبب فائض السعرات). 

هذا التغير في تكوين الجسم (انخفاض نسبة العضلات وزيادة نسبة الدهون) هو ما يعطي الانطباع الخاطئ بأن العضلات “تحولت” إلى دهون. “العضلات لا تتحول، بل تتغير نسبتها في الجسم بناءً على نمط الحياة.”

إن العديد من هذه الخرافات الشائعة تنبع من تبسيط مفرط للعمليات الفسيولوجية المعقدة التي تحدث في الجسم، أو من سوء فهم لكيفية استجابة الجسم للتمارين والتغذية. 

 تتطلب مواجهة هذه المعتقدات الخاطئة تقديم تفسيرات واضحة، مدعومة علمياً، ولكن في نفس الوقت سهلة الفهم لغير المتخصصين. استخدام التشبيهات والأمثلة الواقعية يمكن أن يكون أداة قوية في تصحيح هذه المفاهيم وتمكين الأفراد من اتخاذ قرارات صحية مبنية على الحقائق.

سادسًا: رسم استراتيجيتك الرابحة: فن الدمج بين الكارديو أم الأوزان بذكاء

Advertisement

الآن بعد أن كشفنا الأوراق وفهمنا قدرات كل لاعب في ساحة اللياقة البدنية، كيف نصمم خطة اللعب التي تقودنا إلى النصر في معركتنا الشخصية من أجل صحة أفضل؟ الأمر، كما اتضح، لا يتعلق بتحديد من هو “الأفضل” بشكل مطلق، بل بمن هو “الأفضل لك” في سياق أهدافك وظروفك، وكيف يمكنك أن تجمع بين نقاط قوة كل من الكارديو أم الأوزان بذكاء وفعالية.

لماذا التوازن هو المفتاح غالباً؟

 تتفق معظم المصادر العلمية والهيئات الصحية على أن الجمع بين تمارين الكارديو وتمارين القوة يوفر مجموعة أشمل وأكثر تكاملاً من الفوائد الصحية واللياقية مقارنة بالتركيز على نوع واحد فقط.
 “تخيل فريق كرة قدم يعتمد على الهجوم فقط ويهمل الدفاع، أو العكس. النجاح الحقيقي والمستدام في عالم اللياقة، كما في الرياضة، يكمن في التكامل والتوازن بين مختلف العناصر.” فكل نوع من التمارين يعالج جوانب مختلفة من الصحة، والجمع بينهما يضمن تغطية أوسع لهذه الجوانب، إرشادات عملية للدمج (مستندة إلى توصيات عالمية وبيانات بحثية):

التكرار والمدة:

  توصي هيئات صحية عالمية مثل منظمة الصحة العالمية ووزارة الصحة والخدمات البشرية في الولايات المتحدة (عبر مايو كلينك) بالآتي لمعظم البالغين الأصحاء:

  • الكارديو: ممارسة ما لا يقل عن 150 دقيقة من النشاط الهوائي المعتدل الشدة أسبوعياً (مثل المشي السريع أو ركوب الدراجة بوتيرة معتدلة)، أو 75 دقيقة من النشاط الهوائي الشديد الشدة أسبوعياً (مثل الجري أو السباحة السريعة)، أو مزيج متكافئ من الاثنين.
  •  لتحقيق فوائد صحية إضافية أو للمساعدة في إنقاص الوزن، يمكن زيادة مدة النشاط المعتدل إلى 300 دقيقة أو أكثر أسبوعياً.
Advertisement

القوة: 

ممارسة تمارين القوة التي تشمل جميع المجموعات العضلية الرئيسية (الساقين، الوركين، الظهر، البطن، الصدر، الكتفين، الذراعين) مرتين على الأقل في الأسبوع. 

وتشير مايو كلينك إلى أن أداء مجموعة واحدة من كل تمرين (عادة 8-12 تكراراً أو 12-15 تكراراً حتى الشعور بالإرهاق الكافي في العضلة) يمكن أن يكون فعالاً لتحقيق الفوائد الصحية والبدنية.  ومن المثير للاهتمام أن جمعية القلب الأمريكية (AHA) تشير إلى أن ممارسة تمارين القوة لمدة 30 إلى 60 دقيقة فقط في الأسبوع ترتبط بتحقيق أقصى فائدة في تقليل خطر الوفاة لجميع الأسباب وخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مما يشير إلى فعالية كبيرة حتى مع التزام زمني معتدل. 

ترتيب التمارين (الكارديو قبل أم بعد القوة؟): 

“هنا تبدأ الحكاية تأخذ منحى أكثر تشويقاً وتنوعاً في الآراء، حيث تتضارب آراء الخبراء وتختلف نتائج الدراسات أحياناً، مما يجعل هذا السؤال نقطة نقاش مستمرة.”

  • الرأي القائل بأن الترتيب لا يهم كثيراً للبعض: تشير بعض الدراسات الحديثة، مثل دراسة نشرت في PubMed Central عام 2023 وأجريت على بالغين في منتصف العمر، إلى أن ترتيب التمارين المتزامنة (أي أداء تمارين القوة ثم التمارين الهوائية، أو العكس، في نفس الجلسة أو في أيام متقاربة) قد لا يؤثر بشكل كبير على النتائج المتعلقة بتكوين الجسم، أو الحد الأقصى لاستهلاك الأكسجين (VO2​max)، أو القوة العضلية لهذه الفئة من الممارسين. 
  •  “لشريحة معينة من الممارسين، وخاصة أولئك الذين يهدفون إلى الصحة العامة واللياقة البدنية العامة، قد يكون الأمر مجرد تفضيل شخصي أو ما يناسب جدولهم الزمني.”
  • الرأي القائل بأن الترتيب مهم حسب الهدف (ظاهرة التداخل – Interference Phenomenon): هذه النظرية، التي نوقشت في أوساط فسيولوجيا الرياضة، تشير إلى أن أداء نوع معين من التمارين قد يؤثر على القدرة على أداء النوع الآخر أو على التكيفات الفسيولوجية الناتجة عنه، خاصة عند السعي لتحقيق أقصى أداء. 
Advertisement

إذا كان الهدف الأساسي بناء القوة والكتلة العضلية: يفضل معظم الخبراء أداء تمارين القوة أولاً عندما تكون مستويات الطاقة في ذروتها، أو فصل جلسات القوة عن جلسات الكارديو بفترة زمنية كافية (من 4 إلى 6 ساعات على الأقل، أو في أيام مختلفة). 

يُعتقد أن أداء تمارين الكارديو، خاصة تمارين التحمل الطويلة أو الشديدة، قبل تمارين القوة مباشرة قد يستهلك مخزون الجليكوجين ويسبب إرهاقاً يقلل من الأداء في تمارين القوة، وبالتالي قد يحد من مكاسب القوة والكتلة العضلية على المدى الطويل.  “لا ترهق عدّاءك قبل سباق السرعة، ولا تجهد رافع الأثقال قبل محاولته القصوى.”

إذا كان الهدف الأساسي تحسين قدرة التحمل (الكارديو): يبدو أن أداء تمارين القوة قبل الكارديو لا يعيق أداء الكارديو بنفس الدرجة التي قد يعيق بها الكارديو أداء القوة. بل إن بعض الأبحاث تشير إلى أن تمارين القوة قد تحسن اقتصادية الجري وكفاءة التحمل. 

الخلاصة الصحفية لهذا الجدل: “المشهد العلمي لا يزال يتطور، وتعتمد الإجابة المثلى على عوامل متعددة تشمل أهدافك، مستوى لياقتك، ونوع وشدة التمارين.

 نصيحتنا؟ جرب واستمع إلى جسدك. إذا كنت تسعى لأقصى درجات القوة، امنح الأوزان الأولوية في طاقتك وتركيزك. إذا كان يومك مزدحماً وهدفك هو الصحة العامة، فإن أي ترتيب تختاره وتلتزم به سيكون أفضل من عدم ممارسة الرياضة على الإطلاق.”

الدمج في نفس اليوم مقابل أيام منفصلة:

Advertisement
  • السيناريو المثالي (إذا سمح الوقت والجدول): يفضل البعض فصل جلسات الكارديو والقوة في جلستين مختلفتين في نفس اليوم، مع ترك فترة راحة تتراوح بين 4 إلى 6 ساعات بينهما للسماح للجسم بالتعافي الجزئي وتحقيق أداء أفضل في كل جلسة. 
  • السيناريو العملي (لأصحاب الوقت المحدود): يمكن دمج الكارديو والقوة في جلسة تمرين واحدة إذا كان الوقت ضيقاً. في هذه الحالة، يصبح ترتيب التمارين (كما نوقش أعلاه) أكثر أهمية حسب الهدف. 
  • استراتيجية الأيام المنفصلة: تخصيص أيام معينة لتمارين الكارديو وأيام أخرى لتمارين القوة هي استراتيجية شائعة وفعالة، وتسمح بالتركيز الكامل على نوع واحد من التمارين في كل جلسة وتوفر وقتاً كافياً للتعافي.
  • أهمية الإحماء والتهدئة: لا يمكن إغفال أهمية الإحماء المناسب قبل أي نوع من التمارين لإعداد العضلات والمفاصل والجهاز القلبي الوعائي للنشاط البدني، وكذلك أهمية التهدئة وتمارين الإطالة بعد التمرين للمساعدة في عملية التعافي وتقليل خطر الإصابة.

الاستماع إلى الجسد والتعافي:

هذا مبدأ أساسي في أي برنامج لياقة بدنية ناجح. يجب إعطاء الجسم وقتاً كافياً للراحة والتعافي، خاصة بعد جلسات تمارين القوة المكثفة التي تسبب تمزقات دقيقة في الألياف العضلية (وهو أمر ضروري لنموها). 

 يمكن استخدام تمارين الكارديو منخفضة الشدة (مثل المشي أو اليوجا الخفيفة) كشكل من أشكال “التعافي النشط” في أيام الراحة، حيث تساعد على تعزيز الدورة الدموية وتخفيف آلام العضلات دون إجهاد الجسم. 

دور التغذية والراحة – المثلث الذهبي للياقة:

  “التمارين وحدها لا تصنع المعجزات. النظام الغذائي المتوازن والمغذي، والراحة الكافية والنوم الجيد، هما الضلعان الآخران في مثلث اللياقة الذهبي الذي لا يكتمل النجاح بدونهما.”
 فالتغذية السليمة توفر الطاقة اللازمة لأداء التمارين بفعالية، وتوفر البروتين والمغذيات الأخرى الضرورية لبناء وإصلاح الأنسجة العضلية بعد تمارين القوة، وتساعد في عملية التعافي بشكل عام.
 والنوم الكافي (عادة 7-9 ساعات للبالغين) ضروري لعمليات الإصلاح الجسدي، والتوازن الهرموني (بما في ذلك إفراز هرمون النمو)، والتعافي الذهني. 

Advertisement

إن الاستراتيجية الأكثر فعالية هي تلك التي تتسم بالمرونة والقدرة على التكيف مع احتياجات الفرد وأهدافه المتغيرة. لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، ولكن المبادئ الأساسية المتعلقة بالتوازن، والتدريج في زيادة الشدة، والاستماع إلى الجسد، ودمج التغذية الجيدة والراحة الكافية، تظل هي المرشد الأمين في هذه الرحلة. إن الهدف ليس فقط اختيار نوع التمرين، بل بناء نمط حياة نشط ومستدام.

ما بعد “الأفضل”… نحو رؤية شاملة للياقة البدنية في العالم العربي

في ختام رحلتنا الاستقصائية هذه في عالم اللياقة البدنية، يتضح بجلاء أن السؤال الذي بدأنا به – “الكارديو أم الأوزان؟” – ليس له إجابة بسيطة أو قاطعة تناسب الجميع. فكلاهما، الكارديو وتمارين القوة، يقف شامخاً كبطل في مجاله، ولكل منهما أسلحته الفريدة وفوائده الجمة التي يساهم بها في معركة الإنسان من أجل صحة أفضل وحياة أكثر حيوية.

لقد رأينا كيف أن تمارين الكارديو تعزز صحة القلب والأوعية الدموية وتحرق السعرات الحرارية بكفاءة عالية أثناء التمرين، بينما تبني تمارين القوة العضلات التي ترفع معدل الأيض على مدار الساعة وتقوي العظام وتحسن شكل الجسم.  والأهم من ذلك، يشير العلم بشكل متزايد وبقوة إلى أن التكامل بينهما، أي الجمع بين تمارين الكارديو وتمارين القوة في برنامج لياقة متوازن، هو الطريق الأمثل لمعظم الأهداف الصحية – من قلب ينبض قوةً ونشاطاً، إلى جسم متناسق وقوي، وعقل صافٍ وروح معنوية مرتفعة. 

الرسالة النهائية التي نود أن تصل إلى كل قارئ عربي يسعى لتحسين صحته ولياقته هي أن المعركة الحقيقية ليست بين الكارديو والأوزان، بل هي معركة ضد الخمول والتردد والتسويف. كل خطوة تخطوها، كل تكرار تؤديه، كل نبضة قلب متسارعة تشعر بها، هي انتصار صغير في رحلتك نحو نسخة أفضل وأكثر صحة من ذاتك.

التشجيع هنا ليس فقط على البدء، بل على التجربة، والاستكشاف، والاستمتاع بالعملية. فالعثور على النشاط البدني الذي تحبه وتستمتع به هو المفتاح الذهبي للاستمرارية والالتزام على المدى الطويل. سواء وجدت شغفك في إيقاع الجري الحر، أو في تحدي رفع الأثقال، أو في متعة السباحة، أو في طاقة التمارين الجماعية، فإن المهم هو أن تتحرك وأن تجعل الحركة جزءاً لا يتجزأ من حياتك اليومية.

Advertisement

لتكن قصتك مع اللياقة البدنية في هذا الجزء من العالم قصة إصرار، واكتشاف، وتحول. قصة لا يكتب فصولها مدرب مشهور أو مقال متعمق فحسب، بل يكتبها عرقك وجهدك وصبرك، وتصنع فصولها اختياراتك اليومية الواعية. إنها رحلتك أنت، وأنت قائدها.

الخلاصة

وفي الختام، عالم اللياقة البدنية في تطور مستمر، والبحث العلمي يواصل كل يوم كشف المزيد من الأسرار حول جسم الإنسان وكيفية استجابته للتمرين. سواء كنت تميل إلى الكارديو أم الأوزان، فالمفتاح هو أن تختار ما يناسب أهدافك واحتياجاتك الشخصية. لذا، ابق فضولياً، ابق متعلماً، والأهم من ذلك كله، ابق متحركاً. فالصحة ليست وجهة نصل إليها، بل هي رحلة نستمتع بها ونعمل من أجلها كل يوم.

الأسئلة الشائعة

هل الكارديو يكبر العضلات؟

لا، تمارين الكارديو لا تؤدي إلى تضخيم العضلات، بل تركز بشكل أساسي على تحسين اللياقة القلبية وحرق السعرات،في بعض الحالات، قد تساعد على الحفاظ على الكتلة العضلية عند دمجها مع تغذية جيدة، لكن لتكبير العضلات فعلياً، يُفضل التركيز على تمارين المقاومة أو رفع الأثقال.

Advertisement

هل الكارديو ينحف البطن؟

تمارين الكارديو تساعد على حرق الدهون من الجسم ككل، وليس من منطقة معينة فقط مثل البطن، ومع الالتزام بنظام غذائي صحي، يمكن للكارديو أن يساهم في تقليل الدهون في منطقة البطن بمرور الوقت، لكن لا توجد “تمارين كارديو سحرية” لنحت البطن مباشرة دون العناية بالتغذية.

أيهما أفضل للتخسيس تمارين الكارديو أم رفع الأثقال؟

 الكارديو فعال في حرق السعرات بسرعة، مما يساعد على خسارة الوزن بشكل مباشر، لكن رفع الأثقال يرفع من معدل الحرق حتى بعد التمرين، ويمنع فقدان الكتلة العضلية أثناء التخسيس، أفضل استراتيجية للتخسيس المستدام هي الجمع بين الكارديو ورفع الأثقال مع نظام غذائي متوازن.